تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٩
تفسير سورة المطففين من [آية 12 - 36] * (وما يكذب به إلا كل معتد) * مجاوز طور الفطرة الإنسانية بتجاوزه حد العدالة إلى الإفراط والتفريط في أفعاله * (أثيم) * محتجب بذنوب هيئات صفاته.
* (كلا) * ردع عن هاتين الرذيلتين * (بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) * أي:
صار صدأ عليها بالرسوخ فيها وكدر جوهرها وغيرها عن طباعها، والرين حد من تراكم الذنب على الذنب ورسوخه تحقق عنده الحجاب وانغلق باب المغفرة، نعوذ بالله منه ولذلك قال: * (كلا) * أي: ارتدعوا عن الرين * (إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * لامتناع قبول قلوبهم للنور وامتناع عودها إلى الصفاء الأول الفطري كالماء الكبريتي مثلا، إذ لو روق أو صعد لما رجع إلى الطبيعة المائية المبردة لاستحالة جوهرها بخلاف الماء المسخن الذي استحالت كيفيته دون طبيعته، ولهذا استحقوا الخلود في العذاب وحكم عليهم بقوله: * (ثم إنهم لصالو الجحيم) *.
* (إن كتاب الأبرار لفي عليين) * أي: ما كتب من صور أعمال السعداء وهيئات نفوسهم النورانية وملكاتهم الفاضلة في عليين وهو مقابل للسجين في علوه وارتفاع درجته وكونه ديوان أعمال أهل الخير كما قال: * (كتاب مرقوم) * أي: محل شريف رقم بصور أعمالهم من جرم سماوي أو عنصري إنساني * (يشهده المقربون) * أي: يحضر ذلك المحل أهل الله الخاصة من أهل التوحيد الذاتي.
* (إن الأبرار) * السعداء الأتقياء عن دون صفات النفوس * (لفي نعيم) * من جنان الصفات والأفعال * (على الأرائك) * التي هي مقاماتهم من الأسماء الإلهية في حجال عالم القدس الخفي عن أعين الإنس * (ينظرون) * إلى جميع مراتب الوجود ويشاهدون أهل الجنة والنار وما هم فيه من النعيم والعذاب لا تحجب حجالهم عنه شيئا وتحجب أغيارهم عنهم * (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) * بهجته ونوريته وآثار سروره * (يسقون من رحيق) * خمر صرف من المحبة الرحانية الغير الممزوجة بحب النفس للجواهر الجسمانية * (مختوم) * بختم الشرع لئلا تمتزج به النجاسات الشيطانية من المحبات الوهمية المحرمة والشهوات النفسانية المهيئة.
* (ختامه مسك) * هو حكم الشرع بالمباحات المطيبة للنفوس المقوية للقلوب.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»