الأفعال فمعرفتها استدلال بالعقل إذ التغير في الأشياء لا بد له من تغيير مغير عند العقل لاستحالة التأثر بدون التأثير عقلا. والأول فطري روحي، والثاني علمي قلبي، أي:
كشفي ذوقي، والثالث عقلي. فالمحبوب الباقي على الفطرة يؤمن أولا بالذات ثم يوقن بالصفات ثم يعقل الأفعال. وأما المحب المحتجب عن الفطرة بالنشأة والمادة فهو في مقام النفس يعقل أولا أفعاله ثم يوقن بصفاته التي هي مبادئ أفعاله، ثم يؤمن بذاته ولهذا لما سئل حبيب الله صلى الله عليه وسلم: بم عرفت الله؟ قال: ' عرفت الأشياء بالله '.
* (تلك) * أي: آيات سماوات الأرواح وأرض الجسم المطلق، أي الكل وآيات الأحياء من الموجودات وآيات سائر الحوادث من الكائنات * (آيات الله) * أي: آيات ذاته وصفاته وأفعاله * (فبأي حديث بعد الله) * وآيات صفاته وأفعاله * (يؤمنون) * إذ لا موجود بعدها إلا حديث بلا معنى واسم بلا مسمى، كما قال: * (إن هي إلا أسماء سميتموها) * [النجم، الآية: 23] أي: بلا مسميات * (ويل لكل أفاك) * منغمس في إفك الوجود المزخرف الباطل الموهوم، وإثم الشرك بنسبة الأفعال لذلك الوجود * (يسمع آيات لله) * من كل موجود قائل بلسان الحال أو القال * (تتلى عليه) * على لسان كل شيء إلا على لسان النبي وحده * (ثم يصر مستكبرا) * في نسبتها إلى الغير لاحتجابه بوجوده واستكباره وأنائيته لفرط تفرعنه أو لغرته وغفلته * (كأن لم يسمعها) * لعدم تأثره بها * (فبشره بعذاب) * الحجاب المؤلم والحرمان الموبق.
تفسير سورة الجاثية من [آية 9 - 22]