من قامت القيامة عليه وهو حي '، فهو في عدم التمييز والرجوع إلى التفصيل والانهماك في الدواعي الطبيعية والتعمق في الجاهلية كالسكران غلب الهوى على عقله وأحاط به الحجاب من جميع جهاته وظهر أثر الغي من مشاعره، هذا عذاب أليم لكنه لا يشعر به لشدة انهماكه في تفرعنه وقوة شكيمته في تشيطنه، كلما دعاه الموحد القائم بالحق المهدي إلى نور الذات بالفناء المطلق المنصور من عند الله بالوجود الموهوب المتحقق ونبهه على ما به من الاحتجاب أبى واستكبر وطغى وتجبر لاستغنائه بنفسه وثباته في غيه حتى إذا وقع في الارتياب وتفطن بالحجاب عند ارتتاج الباب بتعين المآب وتيقن العقاب قال: * (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) * [الدخان، الآية: 12] كما قال فرعون حين أدركه الغرق: * (ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنوا إسرائيل) * [يونس، الآية: 90]، * (أنى لهم الذكرى) * أي: الاتعاظ والإيمان الحقيقي وقد عاندوا الحق وأعرضوا عن القائم بالحق، فلعنوا وطردوا. * (إنا كاشفو العذاب) * ريثما تحققوا ما هم فيه من الوقوف مع النفس وتبينوا التفريط في جنب الحق * (إنكم عائدون) * لفرط تمكن الهوى من أنفسكم وتشرب قلوبكم بمحبة نفوسكم واستيلاء صفاتها عليكم وقوة الشيطنة فيكم.
* (يوم نبطش البطشة الكبرى) * بالقهر الحقيقي والإذلال الكلي والطرد والإبعاد ننتقم منهم لمكان شركهم وعبادتهم لأنفسهم ومبارزتهم علينا بالظهور في مقابلتنا ومنازعتهم رداء الكبرياء منا، كما قلنا: ' العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار '، وأما حكاية قوم فرعون فاشتهيت تطبيقها على حالك فافهم منها.
تفسير سورة الدخان من [آية 17 - 42]