تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٧
سورة حم الجاثية بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الجاثية من [آية 1 - 4] * (حم) * جواب القسم محذوف لدلالة * (تنزيل الكتاب) * عليه، أي: أقسم بحقيقة الهوية، أي: الوجود المطلق الذي هو أصل الكل وعين الجمع، وبمحمد أي: الوجود الإضافي الذي هو كمال الكل وصورة التفصيل لأنزلن الكتاب المبين لهما أو يجعل * (حم) * مبتدأ و * (تنزيل الكتاب) * خبره على تقدير حذف مضاف أي: ظهور حقيقة الحق المفصلة، * (تنزيل الكتاب أي) *: إرسال الوجود المحمدي أو إنزال القرآن المبين الكاشف عن معنى الجمع والتفصيل في غير موضع كما جمع في قوله: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) * [آل عمران، الآية: 18] ثم فصل بقوله: * (والملائكة وأولوا العلم) *. * (من الله) * من عين الجمع * (العزيز الحكيم) * في صورة تفاصيل القهر واللطف اللذين هما.
أما الأسماء ومنشؤها الكثرة في الصفات إذ لا صفة إلا وهي من باب القهر أو اللطف.
* (إن في السماوات والأرض) * أي: في الكل * (لآيات للمؤمنين) * بذاته لأن الكل مظهر وجوده الذي هو عين ذاته * (وفي خلقكم) * إلى آخره، * (آيات لقوم يوقنون) * بصفاته لأنكم وجميع الحيوانات مظاهر صفاته من كونه حيا عالما مريدا قادرا متكلما سميعا بصيرا، لأنكم بهذه الصفات شاهدون بصفاته.
تفسير سورة الجاثية من [آية 5 - 8] * (و) * في * (اختلاف الليل والنهار) * إلى آخره، * (آيات لقوم يعقلون) * أفعاله، فإن هذه التصرفات أفعاله، وإنما فرق بين الفواصل الثلاث بالإيمان والإيقان والعقل لأن شهود الذات أوضح وإن خفي لغاية وضوحه والوجود أظهر والمصدقون به أكثر لكونه من الضروريات ومشاهدة الصفات أدق وألطف من القسمين الباقيين فعبر عنها بالإيقان، فكل موقن مؤمن بوجوده ولا ينعكس وقد يوجد الإيقان بدون الإيمان بالذات لذهول المؤمن بالوجود الموقن بالصفات عن شهود الذات لاحتجاجه بالكثرة عن الوحدة. وأما
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»