تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٥
* (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون) * النفس الأمارة من قبط القوى الحيوانية * (وجاءهم رسول كريم) * هو موسى القلب الشريف المجرد * (أن أدوا إلي عباد الله) * المخصوصين به من القوى الروحانية المأسورين في قيود طاعتكم، المستضعفين باستيلائكم، المستعبدين لقضاء حوائجكم وتحصيل مراداتكم من اللذات الحسية والشهوات البدنية * (إني لكم رسول أمين) * بحصول علم اليقين المأمون من تغيره.
* (وأن لا تعلوا على الله) * بعصيانه وترك ما أدعوكم إليه واستكباركم * (إني آتيكم) * بحجة واضحة من الحجج العقلية * (وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون) * بأحجار الهيولى السفلية والأهواء النفسية والدواعي الطبيعية فتجعلوني بحيث لا حراك في طلب الكمالات الروحانية والأنوار الرحمانية وتهلكوني.
* (وإن لم تؤمنوا لي) * بطاعتي ومشايعتي في التوجه إلى ربي وطلب كمالي والتنور بأنواري * (فاعتزلون) * بعدم ممانعتي * (وترك محاجزتي ومعاوقتي في سيري وسلوكي * (فدعا ربه) * بلسان التضرع والافتقار * (أن هؤلاء قوم مجرمون) * في اكتساب المطالب الجرمية واللذات الحسية، منهمكون فيها، لا يرفعون منها رأسا.
* (فأسر) * أي: فقال الله: أسر * (بعبادي) * الروحانيين من القوى العقلية والفكرية والحدسية والقدسية وصفاتك المخلصة إلى حضرة القدس وراء بحر الهيولى * (ليلا) * وقت نعاس القوى الحسية وتعطل القوى البدنية * (إنكم متبعون) * بمطالبتهم إياكم بكمالات الحس ومجاذبتهم لكم عن جناب القدس * (واترك) * بحر الهيولى والمواد الجسمانية ساكنة على قرارها ساجية عن أمواجها غير مزاحمة إياكم باضطراب أحوالها وانحراف مزاجها، ومتسعة طرقها منفرجة لنفوذ تلك القوى وسريانها وتصرفها فيها * (إنهم جند مغرقون) * هالكون بتموج البحر وطمسه إياهم عند خراب البدن.
تفسير سورة الدخان من [آية 43 - 54] * (إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم) * شجرة الزقوم هي النفس المستعلية على القلب في تعبد الشهوة وتعود اللذات، سميت زقوما لملازمتها اللذة، إذ الزقم والتزقم عندهم أكل الزبد والتمر، ولكونه لذيذا نسبت تبعة اللذة إليه واشتق لها اسم منه، ولا يطعم منها ويستمد من قواها وشهواتها إلا المنغمس في الإثم المنهمك في الهوى * (كالمهل) *
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»