القطب والإمام الذي يتأخر هو المهدي، وإنما يتأخر مع كونه قطب الوقت مراعاة لأدب صاحب الولاية مع صاحب النبوة، وتقديم عيسى عليه السلام إياه لعلمه بتقدمه في نفس الأمر لمكان قطبيته وصلاته خلفه على الشريعة المحمدية اقتداؤه به تحقيقا للاستفاضة منه ظاهرا وباطنا والله أعلم.
وإنما قال: * (واتبعون هذا صراط مستقيم) * لأن الطريقة المحمدية هي صراط الله لكونه باقيا به بعد الفناء فدينه دين الله وصراطه صراط الله واتباعه اتباع الله، فلا فرق بين قوله: * (واتبعون) *، وقوله: واتبعو رسولي. ولهذا كان متابعته تورث محبة الله إذ طريق هي طريقة الوحدة الحقيقية التي لا استقامة إلا لها ولهذا لم يسع عيسى إلا اتباعه عند الوصول إلى الوحدة وارتفاع الاثنينية يوجب المحبة الحقيقية.
تفسير سورة الزخرف من [آية 66 - 71] * (هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم) * أي: ظهور المهدي دفعة وهم غافلون عنه * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) * الخلة، إما أن تكون خيرية أو لا، والخيرية إما أن تكون في الله أو لله، والغير الخيرية إما أن يكون سببها اللذة النفسانية أو النفع العقلي. والقسم الأول هو المحبة الروحانية الذاتية المستندة إلى تناسب الأرواح في الأزل لقربها من الحضرة الأحدية وتساويها في الحضرة الواحدية التي قال فيها: فما تعارف منها ائتلف، فهم إذا برزوا في هذه النشأة واشتاقوا إلى أوطانهم في القرب وتوجهوا إلى الحق وتجردوا عن ملابس الحس ومواد الرجس، فلما تلاقوا تعارفوا وإذا تعارفوا تحابوا لتجانسهم الأصلي وتماثلهم الوضعي وتوافقهم في الوجهة والطريقة، وتشابههم في السيرة والغريزة وتجردهم عن الأغراض الفاسدة والأعراض الذاتية التي هي سبب العداوة، وانتفع كل منهم بالآخر في سلوكه وعرفانه وتذكره لأوطانه والتذ بلقائه وتصفى بصفائه وتعاونوا في أمور الدنيا والآخرة فهي الخلة التامة الحقيقية التي لا تزول أبدا كمحبة الأولياء والأنبياء والأصفياء والشهداء. والقسم الثاني هو المحبة القلبية المستندة إلى تناسب الأوصاف والأخلاق والسير الفاضلة، ونشأته في الاعتقادات والأعمال الصالحة كمحبة الصلحاء والأبرار فيما بينهم ومحبة العرفاء والأولياء إياهم، ومحبة الأنبياء العامة أممهم. والقسم الثالث هو المحبة النفسانية المستندة إلى اللذات الحسية والأغراض الجزئية كمحبة الأزواج لمجرد الشهوة ومحبة الفجار والفساق