تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
عزلها عن أشغالها وتعطيلها في اليقظة * (فلما قضى) * أي: الوارد المعنوي والنازل القدسي الكشفي * (ولوا إلى قومهم) * القوى النفسانية والطبيعية ينذرونهم عقاب الطغيان والعدوان على القلب بالتأثير فيهم بالملكات الفاضلة وإفاضات الهيئات النورية المستفادة من المعنى القدسي النازل ويمنعونهم الاستيلاء على القلب بالتسخير والارتياض.
تفسير سورة الأحقاف من [آية 30 - 35] * (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) * أي: ما تأثرنا بمثل هذا التأثر النوري في الوجود المحمدي إلا في زمن موسى ومن بعده إلى هذا الزمان ما تلقينا هذا المعنى لأن عيسى عليه السلام ما تم معراجه وما بلغ حاله حال النبيين المذكورين، موسى ومحمد، في الانخراط في سلك القدس في حياته ومشايعة جميع قواه لسره وما كمل فناؤه ليتحقق جميع قواه بالوجود الحقاني ولذلك بقي في السماء الرابعة واحتجب فيها بخلافهما وسيتبع الملة المحمدية بعد النزول ليتم حاله * (مصدقا لما بين يديه) * لكونه مطابقا له في الهداية إلى التوحيد والاستقامة كما أشير إليه بقوله: * (يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم) * * (يا قومنا أجيبوا داعي الله) * بمطاوعة القلب في التوجه إلى الله والتأدب بآدابه والاستسلام لأحكامه والانقياد لأوامره ونواهيه في طاعته * (وآمنوا به) * بالتنور بنوره والانخراط في سلك عبادته * (يغفر لكم من ذنوبكم) * الهيئات الرذائل والميل إلى الجهات السفلية بمتابعة الهوى وحجب الصفات النفسانية دون التعلقات البدنية والشواغل الطبيعية لامتناع تجريدها عن المادة، ولهذا المعنى أورد من التبعيضية * (ويجركم من عذاب أليم) * بسبب النزوع والانجذاب إلى اللذات والشهوات مع الحرمان لفقدان الآلات وما قال بعض المفسرين: إن الجن لا ثواب لهم وإنما إسلامهم يدفع عقابهم، في تفسير الآية إن ثبت إشارة إلى أن هذه القوى البدنية لاحظ لها من المعاني الكلية العقلية والهيئات النورية واللذات القدسية لكن انقيادها ومطاوعتها للسر يدفع آلامها الحسية والنزوعية والله أعلم.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»