تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٤
ظهور عجزها والنفس الأمارة ثابتة في تفرعنها وعتوها لعدم ارتياضها واعتيادها بمألوفاتها وترأسها على القوى وتجبرها، باقية على عنادها وشدة شكيمتها. * (ولأقطعن) * إشارة إلى إبعادها وتخويفها للقوى عند إذعانها بمنع تصرفاتها في المعايش وترك سعيها في تحصيل الملاذ والمشتهيات الجسمانية من جهة مخالفتها إياها بموافقة القلب. وصلبها في جذوع النخل: إيقافها بالإماتة عند الرياضة في حد القوى النباتية وإثباتها في مقارها ومبادئ نشأتها من أعالي مراتب القوى النباتية دون التصرف في سائر المراتب والاستعلاء على المناصب والاستيلاء في المكاسب، أو من الأعضاء التي هي معادنها ومظاهرها. وهذا التخويف على هذا التأويل من قبيل أحاديث النفس وهواجسها بسبب اللمات الشيطانية المثبطة عن المجاهدة لقوله تعالى: * (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) * [آل عمران، الآية: 175] ليفيد إعراضها عن مطاوعة القلب وقيامها بخدمتها وتسخرها لها ولو حمل على المباحثة الظاهرة المستفادة من قوله تعالى: * (وجادلهم بالتي هي أحسن) * [النحل، الآية 125] بعد التصديق بالظاهر والإيمان بالإعجاز الباهر لأجرى قوله: * (اذهب أنت وأخوك) * [طه، الآية: 42] على ظاهرة إلى قوله: * (فتنازعوا أمرهم بينهم) * [طه، الآية:
62] أي: تباحثوا فيما بينهم في السر، متنازعين فيما يعارضونه به من ضروب الجدل.
وقيل في قوله: * (إن هذان لسحرن) * [طه، الآية: 63] مفلقان في البيان والفصاحة والاحتجاج لا يكاد يعارضهما أحدا فيحجهما.
تفسير سورة طه من [آية 64 - 71].
* (فأجمعوا كيدكم) * أي: اتفقوا فيما تبارزونهما به فتكونوا متفقي الكلمة متعاضدين * (فإذا حبالهم وعصيهم) * أي: تخيلاتهم ووهمياتهم * (يخيل إليه من سحرهم) * في التركيب والبلاغة وحسن التقرير وتمشية المغالطة والسفسطة وهيئة ترتيب القياس الجدلي كأنها تسعى، أي: تمشي * (خيفة) * عن غلبة الجهال ودولة الضلال، كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ' لم يوجس موسى خيفة على نفسه، إنما خاف من غلبة الجهال ودولة الضلال '.
* (قلنا لا تخف) * شجعناه وأيدناه بروح القدس * (وألق ما في يمينك) * أي: ما في
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»