تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٧
تغذوا تلك المعارف الطيبة وتقبلوها بقلوبكم فإنها سبب حياتها * (ولا تطغو فيه) * بظهور النفس وإعجابها بنفسها عند استشراقها ورؤيتها بهجتها وكمالها وزينتها * (فيحل عليكم) * غضب الحرمان وآفة الخذلان * (فقد هوى) * سقط عن مقام القرب في جحيم النفس واحتجب عن نور تجلي صفات الجمال في ظلمات الاستتار واستار الجلال.
* (وإني لغفار) * لستار صفات النفس الطاغية الظاهرة بتزييناتها واستغنائها بأنوار صفاتي * (لمن تاب) * عن تظاهرها واستيلائها، واستغفر بانكسارها وانقماعها ولزومها ذل فاقتها وافتقارها * (وآمن) * بأنوار الصفات القلبية وتجليات الأنوار الإلهية * (وعمل صالحا) * في اكتساب المقامات كالتوكل والرضا والملكات المانعة من التلوينات بالحضور والصفاء * (ثم اهتدى) * إلى نور الذات وحال الفناء.
تفسير سورة طه من [آية 83 - 96] * (وما أعجلك عن قومك) * - إلى قوله - * (في اليم نسفا) * معناه على التحقيق: أن موسى عليه السلام لما شرف بمقام المكالمة وأوتي كشف الصفات وبعث لإنقاذ بني إسرائيل وإرشادهم إلى الحق وعد شريعة يسوس بها قومه، فاستخلف هارون على قومه وتخلى للمراقبة قبل تثبتهم على الإيمان وتقريرهم على الحق بالإيقان، فعوقب على تلك العجلة وإن كانت من غاية الشوق إلى المشاهدة. واقتضاء المقام عدم التفرغ إلى تكميل الغير لأن في تكميلهم بالمعرفة اليقينية والكمال العلمي ثبات قدمه في الطاعة وامتثال الأمر المستلزم للترقي في الحال، فاعتذر بكونهم على متابعته في الدين وإن لم تبن معاملتهم على أساس اليقين والتعجيل، إنما بدر منه لطلب مقام الرضا الذي هو كمال الفناء في الصفات وهو استحكام مقام التجلي الصفاتي الذي منه المكالمة، وإنما ابتلاهم
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»