تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١١٥
* (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) * صدقه بقبوله والتخلق به، كما قالت عائشة: ' كان خلقه القرآن والترقي بمعانيه والتحقق '. * (والمؤمنون كل آمن بالله) * وحده جميعا * (وملائكته وكتبه ورسله) * أي: وحده تفصيلا عند الاستقامة مشاهدا لوحدته في صورة تلك الكثرة معطيا لكل تجل من تجلياته في مظهر من مظاهره وحكمه * (لا نفرق) * أي: يقولون: لا نفرق بينهم برد بعض وقبول بعض، ولا نشك في كونهم على الحق وبالحق لشهود التوحيد ومشاهدة الحق فيهم بالحق * (وقالوا سمعنا) * أي: أجبنا ربنا في كتبه ورسله ونزول ملائكته واستقمنا في سيرنا * (غفرانك ربنا) * أي: اغفر لنا وجوداتنا وصفاتنا وامحها بوجودك ووجود صفاتك * (وإليك المصير) * بالفناء فيك.
* (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * لا يحملها إلا ما يسعها، ولا يضيق به طوقها واستعدادها من التجليات، فإن لاحظ كل أحد من الكشوف والتجليات ما يطيق به وعاء استعداده الموهوب له في الأزل من الفيض الأقدس، ولا يضيق عليه * (لها ما كسبت) * من الخيرات والعلوم والكمالات والكشوف على أي وجد، سواء كانت بقصدها أو لا بقصدها، فإنها من عالم النور فالخيرات كلها ذاتية لها، ترجع فائدتها إليها دون الشرور من الجهالات والرذائل والمعاصي والنقائص، فإنها أمور ظلمانية غريبة عن جوهرها فلا تضرها ولا تلحق تبعتها بها إلا إذا كانت منجذبة إليها متوجهة بالقصد والاعتمال لتكسبها ولهذا ورد في الحديث: ' إن صاحب اليمين يكتب كل حسنة تصدر عن صاحبها في الحال، وصاحب الشمال لا يكتب حتى تمضي عليه ست ساعات، فإن استغفر فيها وتاب أو ندم، فلم يكتب، وإن أصر كتب '. والمراد بالنفس ها هنا الذات وإلا لكان الأمر بالعكس، فيكون حينئذ معناه لا يكلفها إلا ما يسعها ويتيسر لها من الأعمال دون مدى الجهد والطاقة وذكر الكسب في موضع الخير لكونها غير معتنية به معتملة له، والاكتساب في موضع الشر لكونها منجذبة إليه، معتملة له بالقصد، لكونها مأوى الشر.
* (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا) * عهدك * (أو أخطأنا) * في العمل لما سواك، والقران على فراقك محتجبين عنك، فإنا غرباء، بعداء، طال العهد بنا مسافرين عنك،
(١١٥)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»