تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٢٢
العدل، وهم قد حجبوا بتقييدهم بدينهم، فقد حجبوا بظلمهم عن العدل فخالفوهم وقتلوهم.
* (أولئك الذين حبطت أعمالهم) * التي عملوها على دين نبيهم، لأنهم كانوا بتقليد نبيهم ناجين بالمتابعة، وأنبياؤهم كانوا شفعاءهم بتوسطهم بينهم وبين الله في وصول الفيض إليهم، فإذا أنكروا النبيين وأتباعهم العادلين فقد خالفوا نبيهم لأن الأنبياء كلهم على ملة واحدة في الحقيقة هي ملة التوحيد، لا نفرق بين أحد منهم في كونهم على الحق فمن خالف واحدا فقد خالف الكل، وكذا من خالف أهل العدل من أتباع النبيين فقد ظلم، ومن ظلم فقد خرج بظلمة عن المتابعة وأيضا فمنكر الاتباع منكر المتبوعين، ومنكر الظل منكر الذات خارج عن نورها. وإذا خالفوا نبيهم لم يبق بينهم وبينه من الوصلة والمناسبة ما تمكن به الاستفاضة من نوره، فحجبوا عن نوره وكانت أعمالهم منورة بنوره لأجل المتابعة، لا نور ذاتي لها، إذ لم تكن صادرة عن يقين، فإذا زال نورها العارضي باحتجابهم عن نبيهم فقد أظلمت وصارت كسائر السيئات من صفات النفس الأمارة، وفيه ما سمعت غير مرة من قتل كفار قوي النفس الأمارة أنبياء القلوب والآمرين بالقسط من القوى الروحانية.
[تفسير سورة آل عمران آية 26] * (قل اللهم مالك الملك) * تملك ملك عالم الأجسام مطلقا، تتصرف فيه لا مالك ولا متصرف ولا مؤثر فيه غيرك * (تؤتي الملك من تشاء) * تجعله متصرفا في بعضه * (وتنزع الملك ممن تشاء) * بجعل التصرف في يد غيره ولا غير ثمة بل تقلبه من يد إلى يد، فأنت المتصرف فيه على كل حال بحسب اختلاف المظاهر * (وتعز من تشاء) * بإلقاء نور من أنوار عزتك عليه فإن العزة لله جميعا * (وتذل من تشاء) * بسلب لباس عزتك عنه فيبقى ذليلا * (بيدك الخير) * كله، وأنت القادر مطلقا، تعطي على حسب مشيئتك، تتجلى تارة على بعض المظاهر بصفة العز والكبرياء، فتكسوه لباس العز والبهاء، وتارة بصفة القهر والإذلال فتكسوه لباس الهوان والصغار، وتارة بصفة المعز فتكون مذلا، وتارة بصفة المذل فتكون معزا، وتارة بصفة الغني فتعطي المال، وتارة بصفة المغني فتفقره، أي: تجعله مستغنيا عن المال، فقيرا لا يحتاج إلي شيء.
تفسير سورة آل عمران من آية 27
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»