المعاني العقلية والحكم التي هي ميراث أبيه في تحصيل مطالبهما وكمالاتهما ولذاتهما بأنواع الحيل والمكر وصناعة الفكر. وطرحاه على طرق القوى الروحانية والطبيعية بين محالها وتدافعهم في قتله هو إحاله كل قوة منها الفساد والإثم إلى الأخرى، والصلاح والبراءة إلى نفسها لتنازعها وتجاذبها في أفعالها ولذاتها واحتجاب كل منها بما يلائمها عما يلائم الأخرى ورؤيتها الصلاح فيه والفساد في ضده. * (والله مخرج ما كنتم تكتمون) * من نور القلب وحياته، بالاستيلاء عليه.
[آية 73] * (فقلنا اضربوه ببعضها) * بذنبها أو لسانها، على ما ورد في القصة، ليحيا، فيخبركم بالقاتل. وضرب الذنب إشارة إلى إماتة النفس وتبقية أضعف قواها وآخرها، وجهتها التي تلي النفس النباتية ورابطتها بها كالحس اللمسي مثلا وسائر الحواس الظاهرة فإنها ذنبها. وضرب اللسان إشارة إلى تعديل أخلاقها وقواها وتبقية فكرها الذي هو لسانها، وهما طريقان: طريق الرياضة وإماتة الغضب والشهوة، كما هو طريق التصوف وهو بالنفوس القوية الجانية المستولية الطاغية أولى، وطريق التحصيل وتعديل الأخلاق كما هو سبيل العلماء والحكماء، وهو بالنفوس الضعيفة والصافية المنقادة اللينة أولى. فضربوه، فقام وأوداجه تشخب دما، وأخبر بقاتليه، أي: صار حيا قائما بالحياة الحقيقية وعليه أثر القتل لتعلقه بالبدن وتلوثه بمطالبه بحسب الضرورة، وعرف حال القوى البدنية في منعها إياه عن إدراكه وحجبها له عن نوره.
* (كذلك يحيي الله الموتى) * أي: مثل ذلك الإحياء العظيم، يحيى الله موتى الجهل بالحياة الحقيقة العملية * (ويريكم) * دلائله وآيات صفاته لكي تعقلون.
[آية 74] * (ثم قست قلوبكم) * أي: بعد تطاول الأمد، وتراخي مدة الفترة، وتتابع التلوينات، وتوالي النزغات، قست قلوبكم بكثرة مباشرة الأمور واللذات البدنية، وملابسة الصفات النفسانية * (فهي كالحجارة) * من عدم تأثرها بالنفش العلمي * (أو) * شيء * (أشد قسوة) * منها، كالحديد مثلا. ثم بين أن الحجارة ألين منها بأن حالها منحصر في الوجوه الثلاثة المذكورة، فأفاد أن القلوب أربعة: قلب تنور بالنور الإلهي منطمسا فيه، واستغرق في البحر العلمي منغمسا فيه، فانفجرت منه أنهار العلم، فمن