التوحيد إذن إحسانهما والقيام بحقوقهما ما أمكن.
* (تسبح له السماوات السبع) * إلى آخره، إن لكل شيء خاصية ليست لغيره، وكمالا يخصه دون ما عداه، يشتاقه ويطلبه إذا لم يكن حاصلا له ويحفظه ويحبه إذا حصل فهو بإظهار خاصيته ينزه الله عن الشريك وإلا لم يكن متوحدا فيها، فكأنه يقول بلسان الحال: أوحده على ما وحدني، وبطلب كماله ينزهه عن صفات النقص كأنه يقول: يا كامل كملني، وبإظهار كماله يقول: كملني الكامل المكمل. وعلى هذا القياس، حتى أن اللبوة مثلا بإشفاقها على ولدها تقول: أرأفني الرؤوف وأرحمني الرحيم. وبطلب الرزق: يا رزاق، فالسماوات السبع تسبحه بالديمومة والكمال والعلو والتأثير والإيجاد والربوبية، وبأنه كل يوم هو في شأن، والأرض بالدوام والثبات والخلاقية والرزاقية والتربية والإشفاق والرحمة وقبول الطاعة والشكر عليها بالثواب، وأمثال ذلك. والملائكة بالعلم والقدرة والذوات المجردة منهم بالتجرد عن المادة والوجوب أيضا مع ذلك كله فهم مع كونهم مسبحين إياه، مقدسون له * (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) * لقلة النظر والفكر في ملكوت الأشياء وعدم الإصغاء إليهم وإنما يفقه * (كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) * [ق، الآية: 37]. * (إنه كان حليما) * لا يعاجلكم بترك التسبيح في طلب كمالاتكم وإظهار خواصكم، فإن من خواصكم تفقه تسبيحهم وتوحيده كما وحدوه * (غفورا) * يغفر لكم غفلاتكم وإهمالاتكم.
[تفسير سورة الإسراء من آية 45 إلى آية 69