((سورة الكهف)) ((بسم الله الرحمن الرحيم)) [تفسير سورة الكهف من آية 1 إلى آية 3] * (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) * أثنى الله تعالى بلسان التفصيل على نفسه باعتبار الجمع من حيث كونه منعوتا بإنزال الكتاب وهو إدراج معنى الجمع في صورة التفصيل فهو الحامد والمحمود تفصيلا وجمعا، فالحمد إظهار الكمالات الإلهية والصفات الجمالية والجلالية على الذات المحمدية باعتبار العروج بعد تخصيصه إياه بنفسه في العناية الأزلية المشار إليه بالإضافة في قوله: عبده، وذلك جعل عينه في الأزل قابلة للكمال المطلق من فيضه وإيداع كتاب الجمع فيه بالقوة التي هي الاستعداد الكامل وإنزال الكتاب عليه إبراز تلك الحقائق عن ممكن الجمع الوحداني على ذلك المظهر الإنساني فهما متعاكسان باعتبار النزول والعروج والإنزال في الحقيقة حمدا لله تعالى لنبيه إذ المعاني الكامنة في أغيب الغيب ما لم ينزل على قلبه فلم يمكنه حمد الله حق حمده فما لم يحمده الله لم يحمد الله بل حمده حمده كما قال: لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، حمد أولا في عين الجمع نفسه باعتبار التفصيل ثم عكس فقال: الحمد لله.
* (ولم يجعل له) * أي: لعبده * (عوجا) * أي: زيغا وميلا إلى الغير كما قال: * (ما زاغ البصر وما طغى (17)) * [النجم، الآية: 17] أي: لم ير الغير في شهوده.
* (قيما) * أي: جعله قيما، يعني: مستقيما كما أمر بقوله: * (فاستقم كما أمرت) * [فصلت، الآية: 30]، والمعنى: جعله موحدا فانيا فيه غير محتجب في شهوده بالغير ولا بنفسه لكونها غيرا أيضا ممكنا مستقيما حال البقاء، كما قال: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) * [الكهف، الآية: 4]، أو جعله قيما بأمر العباد وهدايتهم إذ التكميل يترتب على الكمال لأنه عليه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من تقويم نفسه وتزكيتها أقيمت نفوس أمته مقام نفسه فأمر بتقويمها وتزكيتها ولهذا المعنى سمى إبراهيم صلوات الله عليه أمة، وهذه القيمية أي القيام بهداية الناس داخلة في الاستقامة المأمور هو بها في الحقيقة * (لينذر) * متعلق بعامل قيما أي: جعله قيما بأمر العباد * (لينذر بأسا شديدا) * وحذف المفعول الأول للتعميم لأن أحدا لا يخلو من بأس مؤمنا كان أو