تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٤٤
* (ولكل درجات) * في القرب والبعد من أعمالهم التي عملوها * (إن يشأ يذهبكم) * بفناء عينكم * (ويستخلف من بعدكم) * من أهل طاعته برحمته * (ذلك) * أي:
تحريم الطيبات عليهم جزاء * (جازيناهم) * بظلمهم * (وإنا لصادقون) * في إيعادهم بجزاء الظلم * (فإن كذبوك) * بأن الله واسع المغفرة فلا يعذبنا بظلمنا * (فقل) * بلى * (ربكم ذو رحمة واسعة) * ولكنه ذو قهر شديد فلا ترد رحمته بأسه * (عن القوم المجرمين) * بل ربما أودع قهره في صورة لطفه ولطفه في صورة قهره * (كذلك كذب الذين من قبلهم) * أي: كذب المنكرون الرسل من قبلهم بتعليق كفرهم بمشيئة الله عنادا وعتوا فعذبوا بكفرهم.
* (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) * أي: إن كان لكم علم بذلك وحجة فبينوا، وإنما قال ذلك إشارة إلى قولهم: * (لو شاء الله ما أشركنا) * لأنهم لو قالوا ذلك عن علم لعلموا أن إيمان الموحدين وكل شيء لا يقع إلا بإرادة الله فلم يعادوهم ولم ينكروهم، بل والوهم، ولم يبق بينهم وبين المؤمنين خلاف. ولعمري إنهم لو قالوا ذلك عن علم لما كانوا مشركين، بل كانوا موحدين ولكنهم اتبعوا الظن في ذلك وبنوا على التقدير والتخمين لغرض التكذيب والعناد، وعلى ما سمعوا من الرسل إلزاما لهم وإثباتا لعدم امتناعهم عن الرسل لأنهم محجوبون في مقام النفس، وأنى لهم اليقين؟ ومن أين لهم الاطلاع على مشيئة الله؟.
* (قل فلله الحجة البالغة) * أي: إن كان ظنكم صدقا في تعليق شرككم بمشيئة الله فليس لكم حجة على المؤمنين وعلى غيركم من أهل دين، لكون كل دين حينئذ بمشيئة الله، فيجب أن توافقوهم وتصدقوهم بل لله الحجة عليكم في وجوب تصديقهم وإقراركم بأنكم أشركتم بمن لا يقع أمر إلا بإرادته ما لا أثر لإرادته أصلا فأنتم أشقياء في الأزل، مستحقون للبعد والعقاب * (فلو شاء لهداكم أجمعين) * أي: بلى صدقتم، ولكن كما شاء كفركم لو شاء لهداكم كلكم، فبأي شيء علمتم أنه لم يشأ هدايتكم حتى أصررتم؟ وهذا تهييج لمن عسى أن يكون له استعداد منهم فيقمع ويهتدي فيرجع عن الشرك ويؤمن.
[تفسير سورة الأنعام آية 151 [ * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) * لما أثبت أن المشركين في التحريم والتحليل يتبعون أهواءهم، إذ الشرك في نفسه ليس إلا عبادة الهوى والشيطان. فلما
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»