الآيات: 1 - 2] بالوجود الموهوب الحقاني، والاستقامة في البقاء بعد الفناء بالتمكين ليسع صدرك الجمع والتفصيل والحق والخلق، فلم يبق عليك وزر في عين الجمع ولا حجاب بأحدهما عن الآخر * (لتنذر به) * وتذكر تذكيرا * (للمؤمنين) * بالإيمان الغيبي، أي: لا يضق صدرك منه ليمكنك الإنذار والتذكير، إذ لو ضاق لبقي في حال الفناء، لا يرى إلا الحق في الوجود وينظر إلى الحق بنظر العدم المحض فكيف ينذر ويذكر ويأمر وينهى. على تقدير القسم. فمعناه بالكل من أوله إلى آخره، أو باسم الله الأعظم إذ (ص) حامل العرش والعرش يسع الذات والصفات والمجموع هو الاسم الأعظم، لهو كتاب أنزل إليك علمه، أو: لهذا القرآن كتاب أنزل إليك.
[تفسير سورة الأعراف من آية 8 إلى آية 9] * (والوزن يومئذ الحق) * الوزن هو الاعتبار، أي: اعتبار الأعمال حين قامت القيامة الصغرى. هو الحق، أي: العدل أو الثابت أو الوزن العدل يومئذ. * (فمن ثقلت موازينه) * أي: رجحت موزوناته بأن كانت باقيات صالحات * (فأولئك هم المفلحون) * الفائزون بصفات الفطرة، ونعيم جنة الصفات في مقام القلب * (ومن خفت موازينه) * موزوناته بأن كانت من المحسوسات الفانية * (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) * ببيعها باللذات العاجلة السريعة الزوال وإفنائها في دار الفناء مع كونها بضاعة البقاء.
واعلم أن لسان ميزان الحق هو صفة العدل وإحدى كفتيه هو عالم الحس، والكفة الأخرى هو عالم العقل فمن كانت مكاسبه من المعقولات الباقية والأخلاق الفاضلة والأعمال الخيرية المقرونة بالنيات الصادقة، ثقلت أي: كانت ذات قدر ووزن، إذ لا قدر أرجح من البقاء الدائم. ومن كانت مقتنياته من المحسوسات الفانية واللذات الزائلة والشهوات الفاسدة والأخلاق الرديئة والشرور المردية، خفت أي: لا قدر لها ولا اعتداد بها، ولا خفة أخف من الفناء، فخسرانهم هو أنهم أضاعوا استعدادهم الأصلي في طلب الحطام الدنيوي وتحصيل المآرب النفسانية بسبب ظهورهم بصفات أنفسهم وظلمهم بصفات الله تعالى بالتكذيب بها، أي: بإخفائها بصفات أنفسهم.
[تفسير سورة الأعراف من آية 10 إلى آية 18