تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٢٢
الجهل الذين ماتت غريزتهم بالجهل المركب أو بالحجب الجبلية، أو لم يكن لهم استعداد بحسب الفطرة فإنهم لا يمكنهم السماع، بل: * (يبعثهم الله) * بالإعادة في النشأة الثانية * (ثم إليه يرجعون) * في عين الجمع المطلق للجزاء أو المكافأة مع احتجابهم. وقد يمكن رفع الحجب في الآخرة للفريق الثاني دون الباقين * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * نزول الآيات، فإن ظهور كل صفة من صفاته على كل مظهر من مظاهر الأكوان آية له يعرفه بها أهل العلم.
* (وما من دابة في الأرض) * إلى آخره، يمكن حمله على المسخ أي: أمم أمثالكم في الاحتجاب والاعتداء وارتكاب الرذائل كأصحاب السبت الذين مسخوا قردة وخنازير * (ما فرطنا) * ما قصرنا في كتابهم الذي فيه صور أعمالهم وهو صحيفة النفس الفلكية أو صحيفة نيتهم التي ثبتت فيها صور أعمالهم * (ثم إلى ربهم يحشرون) * للجزاء، محجوبين في عين الجمع المطلق. والظاهر أن المراد أنهم أمم أمثالكم مربوبون بما احتاجوا إليه من معايشهم، مكفيون مؤنتهم بتقدير من الله وحكمه. ما قصرنا في كتاب اللوح المحفوظ من شيء يصلحهم بل أثبتنا فيه أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم وكل ما احتاجوا إليه، * (ثم إلى ربهم يحشرون) * لجزاء أعمالهم كما هو مروي في الحديث من حشر الوحوش، وقصاص الأعمال بينهم، وكل واحدة منها آية لكم تعرف بها أحوالكم وأرزاقكم وآجالكم وأعمالكم، فاعتبروا بها ولا تصرفوا هممكم ومساعيكم في طلب الرزق وإصلاح الحياة الدنيا فتخسروا أنفسكم وتضروها وتشقوا بها في آخرتكم.
[تفسير سورة الأنعام من آية 39 إلى آية 50
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»