الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٢٤٥
ومما يدل عليه، ما سنذكر من حمل الفقهاء صحيحة يعقوب بن شعيب على صورة الشرط.
ومما يؤيد أيضا، أنهم ذكروا الحيلة لجعل المدة في القرض لازمة بأن تجعل شرطا في عقد لازم (1)، ولم يتعرض واحد منهم لذلك بالنسبة إلى النفع أصلا.
ومما يؤيد (2) أيضا، أن غير المصرحين والمظهرين لم يذكروا لهم اصطلاحا في لفظ النفع في المقام، ولم يشر إلى ذلك غيرهم أيضا، بل لا شك في أنهم ما غيروا لغتهم فيه ولا أحدثوا اصطلاحا أصلا في ذلك، مع أنهم يسمون المعاملة محاباة، والمحاباة بعينها منفعة، مع أنهم في كتاب الربا يذكرون الحيلة، وفي كتاب القرض اتفقوا على الحكم بالتحريم مطلقا، واستثنوا صورة التبرع خاصة، من دون تعرض إلى حيلة أخرى، وذلك لأنهم في حيلة الربا يشترطون أن لا تقع مشارطة فيها، ولا يبقى سوى التبرع.
ومما يشهد، أن المظهرين والمصرحين في كتبهم المختصرة وافقوا غيرهم في الإطلاق المذكور، فعلم أن مرادهم ما يطلق عليه لفظ النفع لغة وعرفا مطلقا، لأن الأصل حمل اللفظ على حقيقته وحمل المطلق على إطلاقه، سيما كلام الفقيه في مقام فتواه، إذ معلوم - حينئذ - أن مراده ما هو نفع عند الناس، حيث ما ينبه على خلاف ذلك، خصوصا مع اتفاق كلهم في مقام الفتوى على الإطلاق إلا قليلا منهم، وذلك القليل أيضا صرح بالعموم والشمول لتلك المعاملة، والشراح صدر منهم ما صدر.. إلى غير ذلك مما مر وسيجئ (3).
ومعلوم - بعنوان اليقين - أن المعاملة المحاباتية نفع عند الناس، فاستعلم الحال

(١) لاحظ! جامع المقاصد: ٥ / ٢٥، مجمع الفائدة والبرهان: ٩ / ٨٢، مفتاح الكرامة: ٥ / 54.
(2) في ألف، ب: (ومما يدل).
(3) ستأتي في الصفحة 260 من هذا الكتاب.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست