الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ٨٠
وأنه بهما يدخل العصيرات الثلاث في حده حقيقة، بحسب اصطلاح الشرع، أو مجازا، والعلاقة الحرمة لا أقل، وستعرف التفصيل والظهور، وأن ذلك هو الظاهر من القدماء، فانتظر.
استدل المحللون بالأصل والعمومات.
والجواب يظهر مما تقدم، إذ الأصل لا يعارض الدليل، والعام لا يقاوم الخاص، لأنه مقدم البتة وإن كان العام من القرآن، لأن المحللون بأجمعهم يقولون بتخصيص الكتاب بخبر الواحد، كما هو المشهور، وهو الحق أيضا.
مع أنه لا عموم في القرآن، إلا مثل قوله تعالى: * (خلق لكم ما في الأرض) * (1)، وهو دليل من أدلة الأصل المذكور، وليس أمرا برأسه، فحاله حال الأصل، إذ ليس فيه قوة بها يعارض الدليل، لأن مقتضاه ليس سوى أنه خلق لنا ما في الأرض فلو شئنا أن ننتفع منه انتفعنا بغير منع من الله تعالى، ولا شك في أنه كثيرا منه يضرنا وكثيرا منه لا ندري يضر أم ينفع، أم لا يضر ولا ينفع، وكثيرا منه نظن أنه ينفع إلا [أنه ي‍] ظهر من الشرع أو العقل [أن] الأمر بالعكس، فإذا ورد من الشرع المنع يكون معناه أنه يضر ولو لم يكن فيه ضرر لم يمنعنا عنه البتة، فلا يكون بين هذا الذي [ذكر] وبين قوله تعالى: * (خلق لكم) * تدافع، ولو كان يرى تدافع فليس بحسب الحقيقة، وعند العقلاء أو بحسب العرف، كما لا يخفى على المتأمل فيما ذكرنا.
مع أنه على فرض التدافع فليس قوة في دلالة الآية بحيث تقاوم الخبر حتى يحتاج إلى قواعد التخصيص والتعميم، إذ لا شك في أن كل حرام فيه نفع في

(1) البقرة (2): 29.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست