حال الجر أو تحرك، والتحريك أولى، تنبيها على أن المانع من هذه الحركة عرضي لا ذاتي، ثم النصب أول الحركات لأنا رأينا أن النصب حمل على الجر في التثنية والجمع السالم، فلزم هنا حمل الجر على النصب تحقيقا للمعارضة.
المسألة الخامسة والعشرون: اتفقوا على أنه إذا دخل على ما لا ينصرف الألف واللام أو أضيف انصرف كقوله: مررت بالأحمر، والمساجد، وعمركم، ثم قيل: السبب فيه أن الفعل لا تدخل عليه الألف واللام والإضافة فعند دخولهما على الاسم خرج الاسم عن مشابهة الفعل، قال عبد القاهر: هذا ضعيف؛ لأن هذه الأسماء إنما شابهت الأفعال لما حصل فيها من الوصفية ووزن الفعل، وهذه المعاني باقية عند دخول الألف واللام والإضافة فيها فبطل قولهم: إنه زالت المشابهة وأيضا فحروف الجر والفاعلية والمفعولية من خواص الأسماء ثم إنها تدخل على الأسماء مع أنها تبقي غير منصرفة، والجواب عن الأول: أن الإضافة ولام التعريف من خواص الأسماء فإذا حصلتا في هذه الأسماء فهي وإن ضعفت في الإسمية بسبب كونها مشابهة للفعل إلا أنها قويت بسبب حصول خواص الأسماء فيها، إذا عرفت هذا فنقول: أصل الإسمية يقتضي قبول الإعراب من كل الوجوه، إلا أن المشابهة للفعل صارت معارضة للمقتضى، فإذا صار هذا المعارض معارضا بشيء آخر ضعف المعارض، فعاد المقتضي عاملا عمله، وأما السؤال الثاني فجوابه: أن لام التعريف والإضافة أقوى من الفاعلية والمفعولية لأن لام التعريف والإضافة يضادان التنوين، والضدان متساويان في القوة فلما كان التنوين دليلا على كمال القوة فكذلك الإضافة وحرف التعريف.
المسألة السادسة والعشرون: لو سميت رجلا بأحمر لم تصرفه، بالاتفاق، لاجتماع العلمية ووزن الفعل، أما إذا نكرته فقال سيبويه: لا أصرفه، وقال الأخفش: أصرفه. واعلم أن الجمهور يقولون في تقرير مذهب سيبويه على ما يحكى أن المازني قال: قلت للأخفش: كيف قلت مررت بنسوة أربع فصرفت مع وجود الصفة ووزن الفعل؟ قال: لأن أصله الإسمية فقلت: فكذا لا تصرف أحمر اسم رجل إذا نكرته لأن أصله الوصفية، قال المازني: فلم يأت الأخفش بمقنع، وأقول: كلام المازني ضعيف، لأن الصرف ثبت على وفق الأصل في قوله: " مررت بنسوة أربع " لأنه يكفي عود الشيء إلى حكم الأصل أدنى سبب، بخلاف المنع من الصرف؛ فإنه على خلاف الأصل فلا يكفي فيه إلا السبب القوي، وأقول: الدليل على صحة مذهب سيبويه أنه حصل فيه وزن الفعل والوصفية الأصلية فوجب كونه غير