قائم " بإسكانهما عرفت من نفس اللفظتين أن المبتدأ أيهما والخبر أيهما، فثبت أن افتقار الفاعل إلى الإعراب أشد، فوجب أن يكون الأصل هو. وبيان الثاني أن الرفعية حالة مشتركة بين المبتدأ والخبر، فلا يكون فيها دلالة على خصوص كونه مبتدأ ولا على خصوص كونه خبرا، أما لا شك أنه في الفاعل يدل على خصوص كونه فاعلا، فثبت أن الرفع حق الفاعل، إلا أن المبتدأ لما أشبه الفاعل في كونه مسندا إليه جعل مرفوعا رعاية لحق هذه المشابهة، وحجة سيبويه: أنا بينا أن الجملة الإسمية مقدمة على الجمل الفعلية، فإعراب الجملة الإسمية يجب أن يكون مقدما على إعراب الجملة الفعلية، والجواب: أن الفعل أصل في الإسناد إلى الغير فكانت الجملة الفعلية مقدمة. وحينئذ يصير هذا الكلام دليلا للخليل. أنواع المفاعيل:
المسألة الثانية والثلاثون:
المفاعيل خمسة، لأن الفاعل لا بد له من فعل وهو المصدر، ولا بد لذلك الفعل من زمان، ولذلك الفاعل من عرض، ثم قد يقع ذلك الفعل في شيء آخر وهو المفعول به، وفي مكان، ومع شيء آخر، فهذا ضبط القول في هذه المفاعيل. وفيه مباحث عقلية: أحدها: أن المصدر قد يكون هو نفس المفعول به كقولنا: " خلق الله العالم " فإن خلق العالم لو كان مغايرا للعالم لكان ذلك المغاير له إن كان قديما لزم من قدمه قدم العالم وذلك ينافي كونه مخلوقا وإن كان حادثا افتقر خلقه إلى خلق آخر ولزم التسلسل وثانيها: أن فعل الله يستغنى عن الزمان، لأنه لو افتقر إلى زمان وجب أن يفتقر حدوث ذلك الزمان إلى زمان آخر ولزم التسلسل وثالثها: أن فعل الله يستغنى عن العرض؛ لأن ذلك العرض إن كان قديما لزم قدم الفعل وإن كان حادثا لزم التسلسل، وهو محال. عامل النصب في المفاعيل:
المسألة الثالثة والثلاثون: اختلفوا في العامل في نصب المفعول على أربعة أقوال: الأول: وهو قول البصريين - أن الفعل وحده يقتضي رفع الفاعل ونصب المفعول: والثاني: وهو قول الكوفيين - أن مجموع الفعل والفاعل يقتضي نصب المفعول، والثالث: وهو قول هشام بن معاوية من الكوفيين - أن العامل هو الفاعل فقط، والرابع: وهو قول خلف الأحمر من الكوفيين - أن العامل في الفاعل معنى الفاعلية، وفي المفعول معنى المفعولية.
حجة البصريين أن العامل لا بد وأن يكون له تعلق بالمعمول، وأحد الإسمين لا تعلق له بالآخر، فلا يكون له فيه عمل البتة، وإذا سقط لم يبق العمل إلا للفعل.
حجة المخالف أن العامل الواحد لا يصدر عنه أثران لما ثبت أن الواحد لا يصدر عنه