منصرف، أما المقدمة الأولى فهي إنما تتم بتقرير ثلاثة أشياء: الأول: ثبوت وزن الفعل وهو ظاهر، والثاني: الوصفية، والدليل عليه أن العلم إذا نكر صار معناه الشيء الذي يسمى بذلك الاسم. فإذا قيل: " رب زيد رأيته " كان معناه رب شخص مسمى باسم زيد رأيته، ومعلوم أن كون الشخص مسمى بذلك الاسم صفة لا ذات، والثالث: أن الوصفية أصلية، والدليل عليه أن لفظ الأحمر حين كان وصفا معناه الاتصاف بالحمرة، فإذا جعل علما ثم نكر كان معناه كونه مسمى بهذا الاسم، وكونه كذلك صفة إضافية عارضة له، فالمفهومان اشتركا في كون كل واحد منهما صفة إلا أن الأول يفيد صفة حقيقية والثاني يفيد صفة إضافية، والقدر المشترك بينهما كونه صفة، فثبت بما ذكرنا أن حصل فيه وزن الفعل والوصفية الأصلية فوجب كونه غير منصرف لما ذكرناه.
فإن قيل: يشكل ما ذكرتم بالعلم الذي ما كان وصفا فإنه عند التنكير ينصرف مع أنه عند التنكير يفيد الوصفية بالبيان الذي ذكرتم.
قلنا إنه وإن صار عند التنكير وصفا إلا أن وصفيته ليست أصلية لأنها ما كانت صفة قبل ذلك بخلاف الأحمر فإنه كان صفة قبل ذلك، والشيء الذي يكون في الحال صفة مع أنه كان قبل ذلك صفة كان أقوى في الوصفية مما لا يكون كذلك، فظهر الفرق.
واحتج الأخفش بأن المقتضى للصرف قائم وهو الاسمية، والعارض الموجود لا يصح معارضا، لأنه علم منكر والعلم المنكر موصوف بوصف كونه منكرا، والموصوف باق عند وجود الصفة، فالعلمية قائمة في هذه الحالة، والعلمية تنافي الوصفية، فقد زالت الوصفية فلم يبق سوى وزن الفعل والسبب الواحد لا يمنع من الصرف، والجواب: أنا بينا بالدليل العقلي أن العلم إذا جعل منكرا صار وصفا في الحقيقة فسقط هذا الكلام.
المسألة السابعة والعشرون: قال سيبويه: السبب الواحد لا يمنع الصرف، خلافا للكوفيين، حجة سيبويه أن المقتضي للصرف قائم، وهو الإسمية، والسببان أقوى من الواحد فعند حصول السبب الواحد وجب البقاء على الأصل. وحجة الكوفيين قولهم المقدم، وقد قيل أيضا: - وما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في مجمع وجوابه أن الرواية الصحيحة في هذا البيت: يفوقان شيخي في مجمع.
المسألة الثامنة والعشرون: قال سيبويه: ما لا ينصرف يكون في موضع الجر مفتوحا