والسكون من صفات الأجسام، والحرف ليس بجسم، بل المراد من حركة الحرف صوت مخصوص يوجد عقيب التلفظ بالحرف، والسكون عبارة عن أن يوجد الحرف من غير أن يعقبه ذلك الصوت المخصوص المسمى بالحركة.
المسألة الرابعة: الحركات إما صريحة أو مختلسة، والصريحة إما مفردة أو غير مفردة فالمفردة ثلاثة وهي: الفتحة، والكسرة، والضمة، وغير المفردة ما كان بين بين، وهي ستة لكل واحدة قسمان، فللفتحة ما بينها وبين الكسرة أو ما بينها وبين الضمة، وللكسرة ما بينها وبين الضمة أو ما بينها وبين الفتحة، والضمة على هذا القياس، فالمجموع تسعة. وهي أما مشبعة أو غير مشبعة، فهي ثمانية عشر، والتاسعة عشرة المختلسة، وهي ما تكون حركة وإن لم يتميز في الحس لها مبدأ، وتسمى الحركة المجهولة، وبها قرأ أبو عمرو * (فتوبوا إلى بارئكم) * مختلسة الحركة من بارئكم وغير ظاهرة بها.
المسألة الثامنة: لما كان المرجع بالحركة والسكون في هذا الباب إلى أصوات مخصوصة لم يجب القطع بانحصار الحركات في العدد المذكور، قال ابن جني اسم المفتاح بالفارسية - وهو كليد - لا يعرف أن أوله متحرك أو ساكن، قال: وحدثني أبو علي قال: دخلت بلدة فسمعت أهلها ينطقون بفتحة غريبة لم أسمعها قبل، فتعجبت منها وأقمت هناك أياما فتكلمت أيضا بها، فلما فارقت تلك البلدة نسيتها.
المسألة التاسعة: الحركة الإعرابية متأخرة عن الحرف تأخرا بالزمان، ويدل عليه وجهان: الأول: أن الحروف الصلبة كالباء والتاء والدال وأمثالها إنما تحدث في آخر زمان حبس النفس وأول إرساله، وذلك آن فاصل ما بين الزمانين غير منقسم، والحركة صوت يحدث عند إرسال النفس، ومعلوم أن ذلك الآن متقدم على ذلك الزمان فالحرف متقدم على الحركة. الثاني: أن الحروف الصلبة لا تقبل التمديد، والحركة قابلة للتمديد، فالحرف والحركة لا يوجدان معا لكن الحركة لا تتقدم على الحرف، فبقي أن يكون الحرف متقدما على الحركة. المسألة العاشرة: الحركات أبعاض من حروف المد واللين، ويدل عليه وجوه، الأول: أن حروف المد واللين قابلة للزيادة والنقصان، وكل ما كان كذلك فله طرفان، ولا طرف لها في النقصان إلا هذه الحركات، الثاني: أن هذه الحركات إذا مددناها ظهرت حروف المد واللين فعلمنا أن هذه الحركات ليست إلا أوائل تلك الحروف، الثالث: لو لم تكن الحركات أبعاضا لهذه الحروف لما جاز الاكتفاء بها لأنها إذا كانت مخالفة لها لم تسد مسدها فلم