تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٦٢
وبالجملة فالاستعاذة تطهر القلب عن كل ما يكون مانعا من الاستغراق في الله، والتسمية توجه القلب إلى هيبة جلال الله والله الهادي. هل التعوذ للقراءة أو للصلاة:
المسألة السابعة: التعوذ في الصلاة لأجل القراءة أم لأجل الصلاة؟ عند أبي حنيفة ومحمد أنه لأجل القراءة، وعند أبي يوسف أنه لأجل الصلاة، ويتفرع على هذا الأصل فرعان: الفرع الأول: أن المؤتم هل يتعوذ خلف الإمام أم لا؟ عندهما لا يتعوذ، لأنه لا يقرأ، وعنده يتعوذ، وجه قولهما قوله تعالى: * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * علق الاستعاذة على القراءة، ولا قراءة على المقتدي، فلا يتعوذ، ووجه قول أبي يوسف أن التعوذ لو كان للقراءة لكان يتكرر بتكرر القراءة، ولما لم يكن كذلك بل كرر بتكرر الصلاة دل على أنها للصلاة لا للقراءة، الفرع الثاني: إذا افتتح صلاة العيد فقال: سبحانك اللهم وبحمدك هل يقول: أعوذ بالله ثم يكبر أم لا؟ عندهما أنه يكبر التكبيرات ثم يتعوذ عند القراءة وعند أبي يوسف يقدم التعوذ على التكبيرات.
وبقي من مسائل الفاتحة أشياء نذكرها ههنا: - السنة في القراءة:
المسألة الثامنة: السنة أن يقرأ القرآن على الترتيل، لقوله تعالى: * (ورتل القرآن ترتيلا) * (المزمل: 4) والترتيل هو أن يذكر الحروف والكلمات مبينة ظاهرة، والفائدة فيه أنه إذا وقعت القراءة على هذا الوجه فهم من نفسه معاني تلك الألفاظ، وأفهم غيره تلك المعاني، وإذا قرأها بالسرعة لم يفهم ولم يفهم، فكان الترتيل أولى، فقد روى أبو داود بإسناده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقال لصاحب القرآن إقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا " قال أبو سليمان الخطابي: جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على عدد درج الجنة، يقال للقارئ: إقرأ وارق في الدرج على عدد ما كنت تقرأ من القرآن، فمن استوفى قراءة جميع آي القرآن استولى على أقصى الجنة.
المسألة التاسعة: إذا قرأ القرآن جهرا فالسنة أن يجيد في القراءة، روى أبو داود عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " زينوا القرآن بأصواتكم ". المسألة العاشرة: المختار عندنا أن اشتباه الضاد بالظاء لا يبطل الصلاة، ويدل على أن المشابهة حاصلة بينهما جدا والتمييز عسر، فوجب أن يسقط التكليف بالفرق، بيان المشابهة من وجوه: الأول: أنهما من الحروف المجهورة، والثاني: أنهما من الحروف الرخوة، والثالث: أنهما من الحروف المطبقة، والرابع: أن الظاء وإن كان مخرجه من بين طرف
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»