أين فؤادي؟ أذابه الوجد * وأين قلبي؟ فما صحا بعد يا سعد زدني جوى بذكرهم * بالله زدني - فديت - يا سعد ولم يزل يردد هذه الأبيات والانفعال قد أثر فيه، والمدامع تكاد تمنع خروج الكلام من فيه، إلى أن خاف الافحام فابتدر القيام ونزل عن المنبر عجلا، وقد أطار القلوب وجلا، وترك الناس على أحر من الجمر، يشيعونه بالمدامع الحمر، فمن معلن بالانتحاب ومن متعفر بالتراب، فيا له من مشهد ما أهول مرآه وما أسعد من رآه ".
" وما كنا نحسب أن متكلما في الدنيا يعطى من امتلاك النفوس والتلاعب فيها ما أعطى هذا الرجل، فسبحان من يخص بالكلام من يشاء من عباده " ا. ه.
9 - قال ابن عباد:
" كان يراعى حفظ صحته وتلطيف مزاجه وما يفيد عقله قوة وذهنه حدة ".
وقال ابن كثير:
" وكان فيه بهاء وترفع واعجاب بنفسه وسمو بها أكثر من مقامها وذلك ظاهر في كلامه ونثره ونظمه فمن ذلك قوله:
ما زلت أدرك ما غلا بل ما علا * وأكايد النهج العسير الأطولا تجرى بي الآمال في حلباته * جرى السعيد إلى مدى ما أملا أفضى من التوفيق فيه إلى الذي * أعيا سواي توصلا وتغلغلا لو كان هذا العلم شخصا ناطقا * وسألته هل زار مثلي؟ قال: لا! " ولا شك لدينا أن العلوية النفسانية التي تضفيها أجواء مجالس الوعظ ومن ثم رؤية انبهار وتأثر عوام الناس بالموعظة وخصوصا المتعلقة بقضايا الموت والبعث والحساب وما شاكلها، كل هذا يولد لدى القائل اعجابا بنفسه، وهذا ما يؤثر بالتالي على أسلوب كتابته وانشائه ووعظه، فيجعله يحرص على الاستمرار في استعمال وايراد غريب القول والأثر رغبة في اظهار التفوق العلمي وفى المحافظة على مستواه المعتاد من