ثم قرأ الفقه والخلاف والجدل والأصول على أبى بكر الدينوري والقاضي أبى يعلى وغيرهم كثير كابن منده الذين تلقى منهم علم عصره.
ومن شدة انصرافه لطلب العلم لم يكن في صغره على ما كان عليه أترابه من حب اللهو واللعب بل انشغل في العلم وحفظه وكتابته، وهذا لما له من نضوج عقلي إلى جانب حافظة واعية وقد قال عن نفسه (قد رزقت عقلا وافرا في الصغر يزيد على عقل الشيوخ).
3 - قال عنه ابن خلكان (1 / 279) " كان علامة عصره وامام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون كثيرة، منها " زاد المسير في علم التفسير " أربعة أجزاء أتى فيه بأشياء غريبة، وله في الحديث تصانيف كثيرة وله " المنتظم " في التاريخ وهو كبير وله " الموضوعات " في أربعة أجزاء... وبالجملة فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطه شيئا كثيرا، والناس يغالون في ذلك حتى يقولوا انه جمعت الكراريس التي كتبها وحسبت مدة عمره وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسع كراريس (1) وهذا شئ عظيم لا يكاد يقبله عقل ".
ويقال: جمعت براية أقلامه التي كتب بها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصل منها شئ كثير، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته، ففعل ذلك فكفت وفضل منها " " له أشعار لطيفة (2) منها قوله يخاطب أهل بغداد:
عذيري من فتية بالعراق * قلوبهم بالجفا قلب يرون العجيب كلام الغريب * وقول الغريب فلا يعجب