المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٤
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الطارق وهي مكية لا خلاف بين المفسرين في ذلك قوله عز وجل سورة الطارق 1 - 10 أقسم الله تعالى ب * (السماء) * المعروفة في قول جمهور المتأولين وقال قوم * (السماء) * هنا المطر والعرب تسمية سماء لما كان من السماء وتسمي السحاب سماء ومن ذلك قول الشاعر جرير (إذا نزل السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا) الوافر وقول النابغة (كالأقحوان غداة غب سمائه *) الكامل * (والطارق) * الذي يأتي ليلا وهو اسم جنس لكل ما يظهر ويأتي ليلا ومنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من أسفارهم ان يأتي الرجل أهله طروقا ومنه طروق الخيال وقال الشاعر (يا نائم الليل مغترا بأوله * إن الحوادث قد تطرقن أسحارا) البسيط ثم بين الله تعالى الجنس المذكور بأنه * (النجم الثاقب) * وقيل بل معنى الآية * (والسماء) * وجميع ما يطرق فيها من الأمور والمخلوقات ثم ذكر تعالى بعد ذلك على جهة التنبيه اجل الطارقات قدرا وهو * (النجم الثاقب) * فكأنه قال * (وما أدراك ما الطارق) * وحق الطارق واختلف المتاولون في * (النجم الثاقب) * فقال الحسن بن أبي الحسن ما معناه إنه اسم للجنس لأنها كلها ثاقبة أي ظاهرة الضوء يقال ثقب النجم إذا أضاء وثقبت النار كذلك وثقبت الرائحة إذا سطعت ويقال للموقد أثقب نارك أي اضئها وقال ابن زيد أراد نجما مخصوصا وهو زحل ووصفه بالثقوب لأنه مبرز على الكواكب في
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»