المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٥
(كأن السحاب دوين السما * نعام تعلق بالأرجل) المتقارب وقرا أبو عمرو بخلاف وعيسى (الإبل) بشد اللام وهي السحاب فيما ذكر قوم من اللغويين والنقاش وقرا الجمهور (خلقت) بفتح القاف وضم الخاء وقرا علي بن أبي طالب (خلقت) بفتح الخاء وسكون القاف على فعل التكلم وكذلك رفعت ونصبت (وسطحت) وقرأ أبو حيوة (رفعت) و (نصبت) و (سطحت) بالتشديد فيها و * (نصبت) * معناه أثبتت قائمة في الهواء لا تنتطح وقرا الجمهور (سطحت) وقرا هارون الرشيد (سطحت) بشد الطاء على المبالغة وهي قراءة الحسن وظاهر هذه الآية ان الأرض سطح لا كرة وهو الذي عليه أهل العلم والقول بكريتها وان كان لا ينقص ركنا من أركان الشرع فهو قول لا يثبته علماء الشرع ثم امر تعالى نبيه بالتذكير بهذه الآية ونحوها ثم نفي ان يكون مصيطرا على الناس أي قاهرا جاهدا لهم مع تكبر تسلطا عليهم يقال تسيطر علينا فلان وقرا بعض الناس (بمسيطر) بالسين وبعضهم بالصاد وقد تقدم وقرا هارون (بمصيطر) بفتح الطاء وهي لغة تميم وليس في كلام العرب على هذا البناء غير مسيطر ومبيطر ومبيقر ومهيمن وقوله تعالى * (إلا من تولى وكفر) * قال بعض المتأولين الاستثناء متصل والمعنى * (إلا من تولى) * فإنك مصيطر عليه فالآية على هذا لا نسخ فيها وقال آخرون منهم الاستثناء منفصل والمعنى * (لست عليهم بمصيطر) * وتم الكلام وهي آية موادعة منسوخة بالسيف ثم قال * (إلا من تولى وكفر فيعذبه الله) * وهذا هو القول الصحيح لأن السورة مكية والقتال إنما نزل بالمدينة و " من " بمعنى الذي وقرا ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة وزيد بن علي (الا من تولى) بفتح الهمزة على معنى استفتاح الكلام و " من " على هذه القراءة شرطية و * (العذاب الأكبر) * عذاب الآخرة لأنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقتل وغيره وقرا ابن مسعود (فإنه يعذبه الله) وقرأ الجمهور (إيابهم) مصدر من آب يؤوب إذا رجع وهو الحشر والمراد إلى الله وقرا أبو جعفر بن القعقاع (إيابهم) بشد الياء على وزن فعال بكسر الفاء أصله فيعال من أيب فعل أصله فيعل ويصح ان يكون اوب فيجيء إيوابا وسهلت الهمزة وكان اللازم في الإدغام يردها أوابا لكن استحسنت فيه الياء على غير قياس انتهى
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»