المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٣
الرابعة وقال الفراء عن بعض العلماء في السماء الدنيا والمعنى ان كتابهم الذي فيه أعمالهم هنالك تهمما بها وترفيعا لها واعمال الفجار في سجين في أسفل سافلين لأنه روي عن أبي بن كعب وابن عباس ان اعمالهم يصعد بها إلى السماء فتأباها ثم ترد إلى الأرض فتأباها أرض بعد أرض حتى تستقر في سجن تحت الأرض السابعة و * (كتاب مرقوم) * في هذه الآية خبر * (أن) * والظرف ملغى و * (المقربون) * في هذه الآية الملائكة المقربون عند الله تعالى أهل كل سماء قاله ابن عباس وغيره و * (الأرائك) * جمع أريكة وهي السرر في الحجال و * (ينظرون) * معناه إلى ما عندهم من النعيم ويحتمل ان يريد ينظر بعضهم إلى بعض وقيل عن النبي صلى الله عليه وسلم (ينظرون إلى أعدائهم في النار كيف يعذبون) وقرا جمهور الناس (تعرف) على مخاطبة محمد صلى الله عليه وسلم بفتح التاء وكسر الراء (نضرة) نصبا وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وطلحة ويعقوب (تعرف) بضم التاء وفتح الراء (نضرة) رفعا وقرا (يعرف) بالياء لأن تأنيث النضرة ليس بحقيقي والنضرة النعمة والرونق و (الرحيق) الخمر الصافية ومنه قول حسان (يسقون من ورد البريص عليهم * بردى يصفق بالرحيق السلسل) الكامل و * (مختوم) * يحتمل ان يختم على كؤوسه التي يشرب بها تهمما وتنظيفا والأظهر انه مختوم شرابه بالرائحة المسكية حسبما فسر قوله تعالى * (ختامه مسك) * واختلف المتأولون في قوله * (ختامه مسك) * فقال علقمة وابن مسعود معناه خلطه ومزاجه فقال ابن عباس والحسن وابن جبير معناه خاتمته ان يجد الرائحة عند خاتمته الشرب رائحة المسك وقال أبو علي المراد لذاذة المقطع وذكاء الرائحة مع طيب الطعم وكذلك قوله * (كان مزاجها كافورا) * الانسان 5 وقوله تعالى * (زنجبيلا) * الانسان 17 أي يحذي اللسان وقد قال ابن مقبل (مما يفتق في الحانوت ناطقها * بالفلفل الجوز والرمان مختوم) البسيط قال مجاهد معناه طينه الذي يختم به مسك بدل الطين الذي في الدنيا وهذا إنما يكون في الكؤوس لأن خمر الآخرة ليست في دنان إنما هي في انهار وقرا الجمهور (ختامه) وقرا الكسائي وعلي بن أبي طالب والضحاك والنخعي (خاتمه) وهذه بينة المعنى انه يراد بها الطبع على الرحيق وروي عنهم أيضا كسر التاء ثم حرض تعالى على الجنة بقوله * (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) * والتنافس في الشيء المغالاة فيه وان يتبعه كل واحد نفسه فكأن نفسيهما يتباريان فيه وقيل هو من قولك شيء نفسي فكان هذا يعظمه ثم يعظمه الآخر ويستبقان اليه و (المزاج) الخلط والضمير عائد على الرحيق واختلف الناس في (تسنيم) فقال ابن عباس وابن مسعود * (تسنيم) * أشرف شراب في الجنة وهم اسم مذكر لماء عين في الجنة وهي عين يشربها المقربون صرفا ويمزج رحيق الأبرار بها قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن وأبو صالح وغيرهم وقال مجاهد ما معناه إن تسنيما مصدر من سنمت إذا عليت ومنه السنام فكأنها عين قد عليت على أهل الجنة فهي تنحدر
(٤٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 ... » »»