المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٩
محذوف معناه الوعيد والذم وحذفه على جهة الابهام كنحو حذف الجواب في قوله تعالى " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض " الرعد 32 الآية وقال بعضهم هم رفع على خبر الابتداء تقديره هم الذين * (يبخلون) * وقال بعضهم في موضع نصب صفة * (كل) * الحديد 23 لأن كلا وإن كان نكرة فهو يخصص نوعا ما فيسوغ لذلك وصفه بالمعرفة وهذا مذهب الأخفش و * (يبخلون) * معناه بأموالهم وأفعالهم الحسنة من إيمانهم وغير ذلك وقوله تعالى * (ويأمرون الناس) * يحتمل ان يصفهم بحقيقة الامر بألسنتهم ويحتمل ان يريد انهم يقتدى بهم في البخل فهم لذلك كأنهم يأمرون وقرا الحسن (بالبخل) بفتح الباء والخاء وقرا جمهور القراء وأهل العراق فإن الله هو الغني الحميد بإثبات هو وكذلك في إمامهم وقرا نافع وابن عامر (فإن الله الغني الحميد) بترك (هو) وهي قراءة أهل المدينة وكذلك في (إمامهم) وهذا لم يثبت قراءة الا وقد قرىء على النبي صلى الله عليه وسلم بالوجهين قال أبو علي ف (هو) في القراءة التي ثبت فيها يحسن ان يكون ابتداء لأن حذف الابتداء غير سائغ و * (الكتاب) * اسم جنس لجميع الكتب المنزلة و " الميزان " العدل في تأويل أكثر المتأولين وقال ابن زيد وغيره من المتأولين أراد الموازين المصرفة بين الناس وهذا جزء من القول الأول وقوله * (ليقوم الناس بالقسط) * يقوي القول الأول وقوله تعالى * (وأنزلنا الحديد) * عبر عن خلقه وإيجاده بالإنزال كما قال في الثمانية الأزواج من الأنعام وأيضا فإن الأمر بكون الأشياء لما تلقى من السماء جعل الكل نزولا منها وقال جمهور كثير من المفسرين * (الحديد) * هنا أراد به جنسه من المعادن وغيرها وقال ابن عباس نزل آدم من الجنة ومعه السندان والكلبتان والميقعة قال حذاق من المفسرين أراد به السلاح ويترتب معنى الآية بأن الله اخبر أنه أرسل رسله وانزل كتبا وعدلا مشروعا وسلاحا يحارب به من عند ولم يهتد بهدي الله فلم يبق عذر وفي الآية على هذا التأويل حض على القتال وترغيب فيه وقوله * (وليعلم الله من ينصره) * يقوي هذا التأويل ومعنى قوله * (ليعلم) * اي ليعلمه موجودا فالتغير ليس في علم الله بل في هذا الحدث الذي خرج من العدم إلى الوجود وقوله * (بالغيب) * معناه بما سمع من الأوصاف الغائبة فآمن بها لقيام الأدلة عليها ثم وصف تعالى نفسه بالقوة والعزة ليبين انه لا حاجة به إلى النصرة لكنها نافعة من عصم بها نفسه من الناس ثم ذكر تعالى رسالة (نوح وإبراهيم) تشريفا لهما بالذكر ولأنهما من أول الرسل ثم ذكر تعالى نعمة على * (ذريتهما) * وقوله تعالى * (والكتاب) * يعني الكتب الأربعة فإنها جميعا في ذرية إبراهيم عليه السلام وذكر انهم مع ذلك منهم من فسق وعند فكذلك بل احرى جميع الناس ولذلك يسر السلاح للقتال
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»