المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٦
الصدق والشهادة على الأمم عند ربهم وقال ابن عباس ومسروق والضحاك الكلام تام في قوله * (الصديقون) * وقوله * (والشهداء) * ابتداء مستأنف ثم اختلفت هذه الفرقة في معنى هذا الاستئناف فقال بعضها معنى الآية * (والشهداء) * بأنهم صديقون حاضرون * (عند ربهم) * وعنى ب * (الشهداء) * الأنبياء عليهم السلام فكأن الأنبياء يشهدون للمؤمنين بأنهم صديقون وهذا يفسره قوله تعالى * (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) * النساء 41 وقال بعضها قوله " والشهيد " ابتداء يريد به الشهداء في سبيل الله واستأنف الخبر عنهم بأنهم * (عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) * فكأنه جعلهم صنفا مذكورا وحده وفي الحديث (إن أهل الجنة العليا ليراهم من دونهم كما ترون الكوكب الدري وإن أبا بكر وعمر منهم وانعما) وقوله تعالى * (لهم أجرهم ونورهم) * خبر عن الشهداء فقط على الأخير من الأقوال وهو خبر عن المؤمنين المذكورين في أول الآية على الأقوال الثلاثة وقوله تعالى * (ونورهم) * قال جمهور المفسرين هو حقيقة حسبما روي مما تقدم ذكره في هذه السورة وقال مجاهد وغيره هو مجاز عبارة عن الهدى والكرامة والبشرى التي حصلوا فيها ولما فرع ذكر المؤمنين وأهل الكرامة عقب ذكر الكفرة المكذبين ليبين الفرق فذكرهم تعالى بأنهم * (أصحاب الجحيم) * وسكانه وقوله تعالى سورة الحديد 20 هذه الآية وعظ وتبيين لأمر الدنيا وضعة منزلتها و * (إنما) * سادة مسد المفعولين للعلم بأنها تدخل على اثنين وهي وإن كفت عن العمل فالجملة بعدها باقية و * (الحياة الدنيا) * في هذه الآية الدنيا عبارة عن الأشغال والتصرفات والفكر التي هي مختصة بالحياة الدنيا واما ما كان من ذلك في طاعة الله وسبيله وما كان من الضرورات التي تقيم الأود وتعين على الطاعات فلا مدخل له في هذه الآية وتأمل حال الملوك بعد فقرهم بين لك ان جميع نزوتهم * (لعب ولهو) * والزينة التحسين الذي هو خارج من ذات الشيء والتفاخر هو بالأنساب والأموال وغير ذلك والتكاثر هو الرغبة في الدنيا وعددها لتكون العزة للكفار على المذهب الجاهلي ثم ضرب تعالى مثل الدنيا فالكاف في قوله * (كمثل) * في رفع صفة لما تقدم وصورة هذا المثال إن الإنسان ينشأ في حجر مملكة فما دون ذلك فيشب ويقوى ويكسب المال والولد ويغشاه الناس
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»