المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٠
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال ما عمل بها أحد غيري وانا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين وذلك أني أردت مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم في امر ضروري فصرفت دينارا بعشرة دراهم ثم ناجيته عشر مرار أقدم في كل مرة درهما وروي عنه انه تصدق في كل مرة بدينار فقال علي ثم فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذه العبادة قد شقت على الناس فقال لي يا علي كم ترى ان يكون حد هذه الصدقة أتراه دينارا قلت لا قال نصف دينار قلت لا قال فكم قلت حبة من شعير قال إنك لزهيد فأنزل الله الرخصة قال القاضي أبو محمد يريد للواجد واما من لا يجد فالرخصة له ثابتة أولا بقوله تعالى * (فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم) * وقال مقاتل بقي هذا الحكم عشرة أيام وقال قتادة بقي ساعة من نهار وقرا جمهور من الناس (صدقة) بالإفراد وقرأ بعض القراء (صدقات) بالجمع قوله عز وجل سورة المجادلة 13 - 16 الإشفاق الفزع من العجز عن الشيء المتصدق به أو من ذهاب المال في الصدقة وله وجوه كثيرة يقال فيها الاشفاق لكنه في هذا الموضع كما ذكرت * (وتاب الله عليكم) * معناه رجع بكم وقوله * (فأقيموا الصلاة) * الآية المعنى دوموا على هذه الأعمال التي هي قواعد شرعكم ومن قال إن هذه الصدقة منسوخة بآية الزكاة فقوله ضعيف لا يحصل كيف النسخ وما ذكر في نحو هذا عن ابن عباس لا يصح عنه والله أعلم وقوله تعالى * (ألم تر إلى الذين تولوا) * نزلت في قوم من المنافقين تولوا قوما من اليهود وهم المغضوب عليهم وقال الطبري * (ما هم) * يريد به المنافقين و * (منكم) * يريد به المؤمنين و * (منهم) * يريد به اليهود قال القاضي أبو محمد وهذا التأويل يجري مع قوله تعالى * (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * النساء 143 ومع قوله عليه السلام (مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين لأنه مع المؤمنين بقوله ومع الكافرين بقلبه) ولكن هذه الآية تحتمل تأويلا آخر وهو ان يكون قوله * (ما هم) * يريد به اليهود وقوله * (ولا منهم) * يريد به المنافقين فيجيء فعل المنافقين على هذا التأويل أحسن لأنهم تولوا قوما مغضوبا عليهم ليسوا من أنفسهم فيلزمهم ذمامهم ولا من القوم المحقين فتكون الموالاة صوابا وقوله * (يحلفون) * يعني المنافقين لأنهم كانوا إذا وقفوا على ما يأتون به من بغض النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه وموالاة عدوه حلفوا أنهم لا يفعلون ذلك واستسهلوا الحنث ورويت من هذا نوازل كثيرة اختصرتها ايجازا وإذا تتبعت في المصنفات وجدت كقول ابن أبي لئن رجعنا إلى المدينة وحلفه على أنه لم يقل وغير
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»