المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٠
انتداب الشافع وتحكمه على كره المشفوع عنده مرتفعة يوم القيامة البتة وإنما توجد شفاعة بإذن الله تعالى فحقيقتها رحمة من الله تعالى لكنه شرف الذي أذن له في أن يشفع وإنما المعدوم مثل حال الدنيا من البيع والخلة والشفاعة وقرأ ابن كثير وأبو عمرو لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة بالنصب في كل ذلك بلا تنوين وكذلك في سورة إبراهيم * (لا بيع فيه ولا خلال) * الآية 31 وفي الطور * (لا لغو فيها ولا تأثيم) * الآية 23 وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين و * (الظالمون) * واضعو الشيء في غير موضعه وقال عطاء بن دينار الحمد لله الذي أنه قال * (والكافرون هم الظالمون) * ولم يقل الظالمون هم الكافرون قوله عز وجل " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " هذه سيدة آي القرآن ورد ذلك في الحديث وورد أنها تعدل ثلث القرآن وورد أن من قرأها أول ليله لم يقربه شيطان وكذلك من قرأها أول نهاره وهذه متضمنة التوحيد والصفات العلى و * (الله) * مبتدأ و * (لا إله) * مبتدأ ثان وخبره محذوف تقديره معبود أو موجود و * (الآ) * هو بدل من موضع * (لا إله) * و * (الحي) * صفة من صفات الله تعالى ذاتية وذكر الطبري عن قوم أنهم قالوا الله تعالى حي لا بحياة وهذا قول المعتزلة وهو قول مرغوب عنه وحكي عن قوم أنه حي بحياة هي صفة له وحكي عن قوم أنه يقال حي كما وصف نفسه ويسلم ذلك دون أن ينظر فيه و * (القيوم) * فيعول من القيام أصله قيووم اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت الأولى في الثانية بعد قلب الواو ياء وقيوم بناء مبالغة أي هو القائم على كل أمر بما يجب له وبهذا المعنى فسره مجاهد القيام والربيع والضحاك وقرأ ابن مسعود وعلقمة وإبراهيم النخعي والأعمش الحي القيوم بالألف ثم نفى عز وجل أن تأخذه * (سنة) * أو * (نوم) * وفي لفظ الأخذ غلبة ما فلذلك حسنت في هذا الموضع بالنفي والسنة بدء النعاس وهو فتور يعتري الإنسان وترنيق في عينيه وليس يفقد معه كل ذهنه والنوم هو المستثقل الذي يزول معه الذهن والمراد بهذه الآية أن الله تعالى لا تدركه آفة ولا يلحقه خلل بحال من الأحوال فجعلت هذه مثالا لذلك وأقيم هذا المذكور من الآفات مقام الجميع وهذا هو مفهوم الخطاب كما أنه قال تعالى * (فلا تقل لهما أف) * الإسراء 23 ومما يفرق بين الوسن والنوم قول عدي بن الرقاع (وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم) الكامل وبهذا المعنى في السنة فسر الضحاك والسدي وقال ابن عباس وغيره السنة النعاس وقال ابن زيد الوسنان الذي يقوم من النوم وهو لا يعقل حتى ربما جرد السيف على أهله قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وهذا الذي أنه قال ابن زيد فيه نظر وليس ذلك بمفهوم من كلام العرب وروى أبو هريرة أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى على
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»