المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٤١
المنبر أنه قال وقع في نفس موسى هل ينام الله جل ثناؤه فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما أنه قال فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت فانكسرت القارورتان أنه قال ضرب الله مثلا أن لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض وقوله تعالى * (له ما في السماوات وما في الأرض) * أي بالملك فهو مالك الجميع وربه وجاءت العبارة ب " ما " وإن كان في الجملة من يعقل من حيث المراد الجملة والموجود ثم قرر ووقف تعالى على من يتعاطى أن * (يشفع عنده) * أو يتعاطى ذلك فيه إلا أن يأذن هو في ذلك لا إله إلا هو وقال الطبري هذه الآية نزلت لما أنه قال الكفار ما نعبد أوثاننا هذه إلا ليقربونا إلى الله زلفى فقال الله * (له ما في السماوات وما في الأرض) * الآية وتقرر في هذه الآية أن الله يأذن لمن يشاء في الشفاعة وهنا هم الأنبياء والعلماء وغيرهم والإذن هنا راجع إلى الأمر فيما نص عليه كمحمد صلى الله عليه وسلم إذا قيل له واشفع تشفع وإلى العلم والتمكين إن شفع أحد من الأنبياء والعلماء قبل أن يؤمر والذي يظهر أن العلماء والصالحين يشفعون فيمن لم يصل إلى النار وهو بين المنزلتين أو وصل ولكن له أعمال صالحة وفي البخاري في باب بقية من باب الرؤية أن المؤمنين يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا فهذه شفاعة فيمن يقرب أمره وكما يشفع الطفل المحبنطىء على باب الجنة الحديث وهذا إنما هو في قرابتهم ومعارفهم وأن الأنبياء يشفعون فيمن حصل في النار من عصاة أممهم بذنوب دون قربى ولا معرفة إلا بنفس الإيمان ثم تبقى شفاعة أرحم الراحمين في المستغرقين بالذنوب الذين لم تنلهم شفاعة الأنبياء وأما شفاعة محمد في تعجيل الحساب فخاصة له وهي الخامسة التي في قوله وأعطيت الشفاعة وهي عامة للناس والقصد منها إراحة المؤمنين ويتعجل للكفار منها المصير إلى العذاب وكذلك إنما يطلبها إلى الأنبياء المؤمنون والضميران في قوله * (أيديهم وما خلفهم) * عائدان على كل من يعقل ممن تضمنه قوله * (له ما في السماوات وما في الأرض) * وقال مجاهد * (ما بين أيديهم) * الدنيا * (وما خلفهم) * الآخرة وهذا صحيح في نفسه عند موت الإنسان لأن ما بين اليد هو كل ما تقدم الإنسان وما خلفه هو كل ما يأتي بعده وبنحو قول مجاهد قاله السدي وغيره سورة البقرة 255 قوله تعالى " ولا يحيطون بشيء من علمه " معناه من معلوماته وهذا كقول الخضر لموسى عليهما السلام حين نقر العصفور من حرف السفينة ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر فهذا وما شاكله راجع إلى المعلومات لأن علم الله تعالى الذي هو صفة ذاته لا يتبعض ومعنى الآية لا معلوم لأحد إلا ما شاء الله أن يعلمه واختلف الناس في الكرسي الذي وصفه الله
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»