يجاوز واختلف الناس في * (الذين آمنوا معه) * كم كانوا فقال البراء بن عازب كنا نتحدث أن عدة أهل بدر كعدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا وفي رواية وثلاثة عشر رجلا وما جاوز معه إلا مؤمن وقال قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه يوم بدر (أنتم كعدة أصحاب طالوت) وقال السدي وابن عباس بل جاوز معه أربعة آلاف رجل أنه قال ابن عباس فيهم من شرب قالا فلما نظروا إلى جالوت وجنوده قالوا لا طاقة لنا اليوم ورجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون هذا نص قول السدي ومعنى قول ابن عباس فعلى القول الأول قالت الجملة * (لا طاقة لنا اليوم) * على جهة استكثار العدو فقال أهل الصلابة منهم والتصميم والاستماتة * (كم من فئة قليلة) * الآية وظن لقاء الله على هذا القول يحسن أن يكون ظنا على بابه أي يظنون أنهم يستشهدون في ذلك اليوم لعزمهم على صدق القتال كما جرى لعبد الله بن حرام في يوم أحد ولغيره وعلى القول الثاني أنه قال كثير من الأربعة الآلاف لا طاقة لنا على جهة الفشل والفزع من الموت وانصرفوا عن طالوت فقال المؤمنون الموقنون بالبعث والرجوع إلى الله وهم عدة أهل بدر * (كم من فئة قليلة) * والظن على هذا بمعنى اليقين وهو فيما لم يقع بعد ولا خرج إلى الحس قال القاضي أبو محمد وما روي عن ابن عباس من أن في الأربعة الآلاف من شرب يرد عليه قوله تعالى * (هو والذين آمنوا معه) * وأكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلا غرفة ومن لم يشرب جملة ثم كانت بصائر هؤلاء مختلفة فبعض كع وقليل صمم وقرأ أبي بن كعب كأين من فئة والفئة الجماعة التي يرجع إليها في الشدائد من قولهم فاء يفيء إذا رجع وقد يكون الرجل الواحد فئة تشبيها والملك فئة الناس والجبل فئة والحصن كل ذلك تشبيه وفي قولهم رضي الله عنهم * (كم من فئة) * الآية تحريض بالمثال وحض واستشعار للصبر واقتداء بمن صدق ربه " وإذن الله " هنا تمكينه وعلمه فمجموع ذلك هو الإذن * (والله مع الصابرين) * بنصره وتأييده سورة البقرة 250 * (برزوا) * معناه صاروا في البراز وهو الأفيح من الأرض المتسع وجالوت اسم أعجمي معرب والإفراغ أعظم الصب كأنه يتضمن عموم المفرغ عليه والهزم أصله أن يضرب الشيء فيدخل بعضه في بعض وكذلك الجيش الذي يرد يركب ردعه ثم قيل في معنى الغلبة هزم وكان جالوت أمير العمالقة وملكهم وكان فيما روي في ثلاثمائة ألف فارس وروي في قصة داود وقتله جالوت أن أصحاب طالوت كان فيهم إخوة داود وهم بنو إيشى وكان داود صغيرا يرعى غنما لأبيه فلما حضرت الحرب أنه قال في نفسه لأذهبن لرؤية هذه الحرب فلما نهض
(٣٣٦)