الدرجات في المسافة ويبقى التفضيل مذكورا في صدر الآية فقط وبينات عيسى عليه السلام هي إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وخلق الطير من الطين وروح القدس جبريل عليه السلام وقد تقدم ما أنه قال العلماء فيه سورة البقرة 253 ظاهر اللفظ في قولهم من بعدهم يعطي أنه أراد القوم الذين جاؤوا من بعد جميع الرسل وليس كذلك المعنى بل المراد ما اقتتل الناس بعد كل نبي فلف الكلام لفا يفهمه السامع وهذا كما تقول اشتريت خيلا ثم بعتها فجائزة لك هذه العبارة وأنت اشتريت فرسا ثم بعته ثم آخر وبعته ثم آخر وبعته وكذلك هذه النوازل إنما اختلف الناس بعد كل نبي فمنهم من آمن ومنهم من كفر بغيا وحسدا وعلى حطام الدنيا وذلك كله بقضاء وقدر وإرادة من الله تعالى ولو شاء خلاف ذلك لكان ولكنه المستأثر بسر الحكمة في ذلك الفعال لما يريد فاقتتلوا بأن قاتل المؤمنون الكافرين على مر الدهر وذلك هو دفع الله الناس بعضهم ببعض سورة البقرة 254 قال ابن جريج هذه الآية تجمع الزكاة والتطوع وهذا كلام صحيح فالزكاة واجبة والتطوع مندوب إليه وظاهر هذه الآية أنها مراد بها جميع وجوه البر من سبيل وصلة رحم ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين يترجح منه أن هذا الندب إنما هو في سبيل الله ويقوي ذلك قوله في آخر الآية * (والكافرون هم الظالمون) * أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال وندب الله تعالى بهذه الآية إلى أنفاق شيء مما أنعم به وهذه غاية التفضل فعلا وقولا وحذر تعالى من الإمساك إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في ذات الله إذ هي مبايعة على ما قد فسرناه في قوله تعالى * (من ذا الذي يقرض الله) * البقرة 245 أو إذ البيع فدية لأن المرء قد يشتري نفسه ومراده بماله وكأن معنى الآية معنى سائر الآي التي تتضمن إلا فدية يوم القيامة وأخبر الله تعالى بعدم الخلة يوم القيامة والمعنى خلة نافعة تقتضي المساهمة كما كانت في الدنيا وأهل التقوى بينهم في ذلك اليوم خلة ولكنها غير محتاج إليها وخلة غيرهم لا تغني من الله شيئا وأخبر تعالى أن الشفاعة أيضا معدومة في ذلك اليوم فحمل الطبري ذلك على عموم اللفظ وخصوص المعنى وأن المراد * (ولا شفاعة) * للكفار وهذا لا يحتاج إليه بل الشفاعة المعروفة في الدنيا وهي
(٣٣٩)