قال أبو علي وغيره فتقديره ننشزها برفع بعضها إلى بعض للإحياء ومنه نشوز المرأة وقال الأعشى (قضاعية تأتي الكواهن ناشزا *) الطويل يقال نشز وأنشزته قال القاضي أبو محمد ويقلق عندي أن يكون معنى النشوز رفع العظام بعضها إلى بعض وإنما النشوز الارتفاع قليلا قليلا فكأنه وقف على نبات العظام الرفات وخروج ما يوجد منها عند الاختراع وقال النقاش ننشزها معناه ننبتها وانظر استعمال العرب تجده على ما ذكرت من ذلك نشز ناب البعير والنشز من الأرض على التشبيه بذلك ونشزت المرأة كأنها فارقت الحال التي ينبغي أن تكون عليها وقوله تعالى * (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) * المجادلة 11 أي فارتفعوا شيئا شيئا كنشوز الناب فبذلك تكون التوسعة فكأن النشوز ضرب من الارتفاع ويبعد في الاستعمال أن يقال لمن ارتفع في حائط أو غرفة نشز وقرأ النخعي ننشزها بفتح النون وضم الشين والزاي وروي ذلك عن ابن عباس وقتادة وقرأ أبي بن كعب كيف ننشيها بالياء والكسوة ما وارى من الثياب وشبه اللحم بها وقد استعاره النابغة للإسلام فقال (الحمد لله إذ لم يأتني أجلي * حتى اكتسيت من الإسلام سربالا) وروي انه كان يرى اللحم والعصب والعروق كيف تلتئم وتتواصل وقال الطبري المعنى في قوله * (فلما تبين له) * أي لما اتضح له عيانا ما كان مستنكرا في قدرة الله عنده قبل عيانه * (أنه قال أعلم) * قال القاضي أبو محمد وهذا خطأ لأنه ألزم ما لا يقتضيه اللفظ وفسر على القول الشاذ والاحتمال الضعيف وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر أعلم أن مقطوعة الألف مضمومة الميم وقرأ حمزة والكسائي أنه قال اعلم أن الله موصولة الألف ساكنة الميم وقرأها أبو رجاء وقرأ عبد الله بن مسعود والأعمش قيل أعلم قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه فأما هذه فبينة المعنى أي أنه قال الملك له والأولى بينة المعنى أي أنه قال هو أنا أعلم أن الله على كل شيء قدير وهذا عندي ليس بإقرار بما كان قبل ينكره كما زعم الطبري بل هو قول بعثه الاعتبار كما يقول الإنسان المؤمن إذا رأى شيئا غريبا من قدرة الله الله لا إله إلا هو ونحو هذا وقال أبو علي معناه أعلم هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه يعني علم المعاينة وأما قراءة حمزة والكسائي فتحتمل وجهين أحدهما أنه قال الملك له اعلم والآخر أن ينزل نفسه منزلة المخاطب الأجنبي المنفصل فالمعنى فلما تبين له أنه قال لنفسه اعلم وأنشد أبو علي في مثل هذا قول الأعشى (ودع هريرة إن الركب مرتحل *) البسيط و (ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا *) الطويل
(٣٥١)