المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٥
هذا عرفه في اللغة قال قتادة * (الظلمات) * الضلالة و * (النور) * الهدى وبمعناه أنه قال الضحاك والربيع وقال مجاهد وعبدة بن أبي لبابة إن قوله * (الله ولي الذين آمنوا) * الآية نزلت في قوم آمنوا بعيسى فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به فلذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه فكأن هذا القول أحرز نورا في المعتقد خرج منه إلى ظلمات ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب ومترتب في الناس جميعا وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ومن كفر بعد وجود الداعي النبي المرسل فشيطانه ومغويه كأنه أخرجه من الإيمان إذ هو معد وأهل للدخول فيه وهذا كما تقول لمن منعك الدخول في أمر ما أخرجتني يا فلان من هذا الأمر وإن كنت لم تدخل فيه البتة ولفظة * (الطاغوت) * في هذه الآية تقتضي أنه اسم جنس ولذلك أنه قال * (أولياؤهم) * بالجمع إذ هي أنواع وقرأ الحسن بن أبي الحسن أولياؤهم الطواغيت يعني الشياطين وحكم عليهم بالخلود في النار لكفرهم سورة البقرة 258 * (ألم تر) * تنبيه وهي رؤية القلب وقرأ علي بن أبي طالب ألم تر بجزم الراء و * (الذي حاج إبراهيم) * هو نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح ملك زمانه وصاحب النار والبعوضة هذا قول مجاهد وقتادة والربيع والسدي وابن إسحاق وزيد بن أسلم وغيرهم وقال ابن جريج هو أول ملك في الأرض وهذا مردود وقال قتادة هو أول من تجبر وهو صاحب الصرح ببابل وقيل إنه ملك الدنيا بأجمعها ونفذت فيها طينته وهو أحد الكافرين والآخر بخت نصر وقيل إن * (الذي حاج إبراهيم) * نمرود بن فالخ بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وفي قصص هذه المحاجة روايتان إحداهما ذكر زيد بن أسلم أن النمرود هذا قعد يأمر الناس بالميرة فكلما جاء قوم أنه قال من ربكم وإلهكم فيقولون أنت فيقول ميروهم وجاء إبراهيم عليه السلام يمتار فقال له من ربك وإلهك أنه قال * (أنه قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت) * فلما سمعها نمرود أنه قال * (أنا أحيي وأميت) * فعارضه إبراهيم بأمر الشمس * (فبهت الذي كفر) * وقال لا تميروه فرجع إبراهيم إلى أهله دون شيء فمر على كثيب من رمل كالدقيق فقال لو ملأت غرارتي من هذا فإذا دخلت به فرح الصبيان حتى أنظر لهما فذهب بذلك فلما بلغ منزله فرح الصبيان وجعلا يلعبان فوق الغرارتين ونام هو من الإعياء فقالت امرأته لو صنعت له طعاما يجده حاضرا إذا انتبه ففتحت إحدى الغرارتين فوجدت أحسن ما يكون من الحواري فخبزته فلما
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»