أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٤
وأما قول من قال إنه زمل بالقرآن فهو صحيح في المجاز لكنه كما قدمنا لا يحتاج إليه ويشهد لمعناه حديث يؤثر لم يصح وهو قوله إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم هذه وهي الوتر فأوتروا يا أهل القرآن المسألة الثانية في المعنى وهو الأول في القول قوله (* (قم) *) هو فعل لا يتعدى ولكنه على أصل الأفعال القاصرة في تعديه إلى الظروف فأما ظرف الزمان فسائغ فيه وارد كثيرا به يقال قام الليل وصام النهار فيصح ويفيد وأما ظرف المكان فلا يصل إليه إلا بواسطة لا تقول قمت الدار حتى تقول وسط الدار وخارج الدار وقد قيل قم ها هنا بمعنى صل عبر به عنه واستعير له عرفا فيه بكثرة الاستعمال المسألة الثالثة قوله تعالى (* (الليل) *)) فخصه بالذكر واختلف في وجه تخصيصه فمنهم من قال خصه بالذكر لأنه أشق وسيأتي بيانه وقيل خصه بالذكر لأنه كان فرضا في صحيح مسلم وغيره عن عائشة واللفظ لمسلم قال سعد بن هشام بن عامر فانطلقت إلى عائشة فقلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق النبي قالت ألست تقرأ القرآن قلت بلى قالت فإن خلق النبي كان القرآن قال فهممت أن أقوم ولا أسأل أحدا عن شيء حتى أموت ثم قلت أنبئيني عن قيام رسول الله فقالت ألست تقرأ يا أيها المزمل قلت بلى قالت فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي وأصحابه حولا وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضته وذكر الحديث المسألة الرابعة إن الله سبحانه خلق المكان والزمان سعة للإنسان ومجالا للعمل كما تقدم في قوله
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»