أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٣١٩
المسألة الخامسة اختلف الناس في إنذارهم والتحريج عليهم هل يكون ثلاثة أقوال في ثلاثة أحوال أم يكون ثلاثة أقوال في حالة واحدة والقول محتمل لذلك ولا يمكن حمله على العموم لأنه إثبات لمفرد في نكرة وإنما يكون العموم في المفردات إذا اتصلت بالنفي حسبما بيناه في أصول الفقه وفيما سبق ها هنا والصحيح أنه ثلاث مرات في حالة واحدة لأنا لو جعلناها ثلاث مرات في ثلاث حالات لكان ذلك استدراجا لهن وتعريضا لمضرتهن ولكن إذا ظهرت تنذر كما تقدم فإن فرت وإلا أعيد عليها القول فإن فرت ولا أعيد عليها الإنذار ثلاثا فإن فرت وإلا أعيد لها الإنذار فإن فرت وغابت وإلا قتلت المسألة السادسة قال من لم يفهم أو من لم يسلم كيف ينذر بالقول ويحرج بالعهد على البهائم والحشرات وهي لا تعقل الأقوال ولا تفهم المقاصد والأغراض قلنا الحيات على قسمين قسم حية على أصلها فبيننا وبينها العداوة الأصلية في معاضدة إبليس على آدم وإلى هذا وقعت الإشارة بقول النبي ما سالمناهن منذ حاربناهن فهذا القسم يقتل ابتداء من غير إنذار ولا إمهال وعلامته البتر والطفى لقوله اقتلوا الأبتر وذا الطفيتين فإن كانت على غير هذه الهيئة احتمل أن تكون حية أصلية واحتمل أن تكون جنيا تصور بصورتها فلا يصح الإقدام بالقتل على المحتمل لئلا يصادف منهيا عنه حسبما يروى للعروس بالمدينة حين قتل الحية فلم يعلم أيهما كان أسرع موتا هو أم الحية ويكشف هذا الخفاء الإنذار فإن صرم كان علامة على أنه ليس بمؤمن أو أنه من جملة الحيات الأصليات إذ لم يؤذن للجن في التصور على البتر والطفى ولو تصورت في هذا كتصورها في غيره لما كان لتخصيص النبي بالإطلاق بالقتل في
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»