أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٣١٧
الواحد الله سبحانه وغيره مركب ليس بواحد كيفما تصرف حاله وليس يمتنع أن يراهم النبي في صورهم كما يرى الملائكة وأكثر ما يتصورون لنا في صور الحيات ففي الحديث الصحيح عن مالك وغيره عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى تقضى صلاته فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن أجلس فجلست فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال أترى هذا البيت فقلت نعم فقال كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس قال فخرجنا مع رسول الله إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول الله خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له كف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا حية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها ثم خرج به فركزه في الدار فاضطربت عليه فما ندري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال فجئنا إلى النبي فذكرنا له ذلك وقلنا ادع الله يحييه لنا فقال استغفروا لصاحبكم ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثا فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان وفي الصحيح أنه قال إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر أو قال اذهبوا فادفنوا صاحبكم ومن حديث ابن عجلان عن أبي السائب عن أبي سعيد أن رسول الله قال إن بالمدينة نفرا من الجن أسلموا فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان وقد روى ابن أبي ليلى أن رسول الله سئل عن الحيات التي تكون في البيوت فقال إذا رأيتم منهن شيئا بعد ذلك فقولوا نشدتكم العهد الذي أخذ عليكم
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»