أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ١٨١
فلما كان بعد ذلك جاءه الملك في اليقظة بمثل ما أراده في المنام وكانت الحكمة في ذلك أن أراه الله في المنام ما أراه من ذلك توطيدا وتثبيتا لنفسه حتى لا يأتيه الحال فجأة فتقاسي نفسه الكريمة منها شدة لعجز القوى الآدمية عن مباشرة الهيئة الملكية وقد ثبت في الصحيح وغيره من طرق عن ابن عباس في قوله تعالى (* (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) *) الإسراء 6 ولو كانت رؤيا منام ما افتتن بها أحد ولا أنكرها فإنه لا يستبعد على أحد أن يرى نفسه يخترق السماوات ويجلس على الكرسي ويكلمه الرب المسألة الخامسة في هذه القصة كان فرض الصلاة وقد روي أن النبي كان يصلي قبل الإسراء صلاة العشي والإشراق ويتنفل في الجملة ولم يثبت ذلك من طريق صحيحة حتى رفعه الله مكانا عليا وفرض عليه الصلاة ونزل عليه جبريل فعلمه أعدادها وصفاتها وهي المسألة السادسة قال النبي أمني جبريل عند البيت مرتين وصلى بي الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس وصلى بي العصر عندما صار ظل كل شيء مثله وصلى بي المغرب حين غربت الشمس وصلى بي العشاء عندما غاب الشفق وصلى بي الصبح حين برق الفجر وحرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثليه وصلى بي المغرب حين غربت الشمس لوقتها بالأمس وصلى بي العشاء حين ثلث الليل وصلى بي الصبح وقائل يقول أطلعت الشمس لم تطلع ثم قال يا محمد هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»