صلحت أحوالهم أقبلوا على الدنيا وآثروها على الآخرة فهلكوا ومنه الأثر خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة أي كثيرة النتاج وإليه يرجع قوله (* (لقد جئت شيئا إمرا) *) الكهف 71 أي عظيما والقول فيها من كل جهة متقارب متداخل وقد قدمنا القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يغني عن إعادته وأكثر ما يكون هذا الفسق وأعظمه في المخالفة الكفر أو البدعة وقد قال تعالى في نظيره (* (ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) *) هود 1 11 12 فهؤلاء قوم عصوا وكفروا وهذه صفة الأمم السالفة في قصص القرآن وأخبار من مضى من الأمم الآية الثالثة قوله تعالى (* (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) *) الآيتان 18 19 قد قدمنا أن الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى وبينا أن من أراد غير الله فهو متوعد وأوضحنا أن آية الشورى مطلقة في أن من أراد الدنيا يؤتيه الله منها وليس له في الآخرة نصيب وهذه مقيدة في أنه إنما يؤتى حظه في الدنيا من يشاء الله أن يؤتيه ذلك وليس الوعد بذلك عاما لكل أحد ولا يعطى لكل مريد لقوله (* (عجلنا له فيها) *) الآية
(١٨٣)