أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
والديه قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه حتى إنه يبره وإن كان مشركا إذا كان له عهد قال الله (* (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) *) الممتحنة 8 وهي المسألة الثالثة قوله تعالى (* (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما) *)) خص حالة الكبر لأنها بطول المدى توجب الاستثقال عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه ويستطيل عليهما بدالة النبوة وقلة الديانة وأقل المكروه أن يؤفف لهما وهو ما يظهره بتنفسه المردد من الضجر وأمر بأن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة وهو السالم عن كل عيب من عيوب القول المتجرد عن كل مكروه من مكروه الأحاديث ثم قال وهي المسألة الرابعة (* (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) *)) المعنى تذلل لهما تذليل الرعية للأمير والعبيد للسادة وضرب خفض الجناح ونصبه مثلا لجناح الطائر حين ينتصب بجناحه لولده أو لغيرهم من شدة الإقبال والذل هو اللين والهون في الشيء ثم قال وهي المسألة الخامسة (* (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) *)) معناه ادع لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يكون البارئ يرحمهما كما رحماك وترفق بهما كما رفقا بك فإن الله هو الذي يجزي الوالد عن الولد إذ لا يستطيع الولد كفاء على نعمة والده أبدا وفي الحديث الصحيح لن يجزي ولد والده إلا أن يجد مملوكا فيشتريه فيعتقه معناه يخلصه من أسر الرق كما خلصه من أسر الصغر
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»