وينبغي له أن يعلم أنهما ولياه صغيرا جاهلا محتاجا فآثراه على أنفسهما وسهرا ليلهما وأناماه وجاعا وأشبعاه وتعريا وكسواه فلا يجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر إلى الحد الذي كان هو فيه من الصغر فيلي منهما ما وليا منه ويكون لهما حينئذ عليه فضل التقدم بالنعمة على المكافئ عليها وقد أخبرني الشريف الأجل الخطيب نسيب الدولة أبو القاسم علي ابن القاضي ذو الشرفين أبو الحسين إبراهيم بن العباس الحسيني بدمشق أنبأنا أبو نصر أحمد بن الحسن ابن الحسين بن الشيرازي بمكة في المسجد الحرام سمعته داخل الكعبة من هذا الرجل وكان حافظا حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن ريدة الضبي الأصبهاني بأصبهان قراءة أنبأنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الحافظ الطبري حدثنا محمد ابن خالد بن يزيد البردعي بمصر حدثني أبو سلمة عبيد بن خلصة بمعرة النعمان حدثنا عبد الله بن نافع المدني عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال النبي للرجل فأتني بأبيك فنزل جبريل عليه السلام على النبي فقال إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك إذا جاءك الشيخ فاسأله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه فلما جاء الشيخ قال له النبي ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله فقال سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي فقال النبي إيه دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك فقال الشيخ والله يا رسول الله ما يزال الله تعالى يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي فقال قل وأنا أسمع قال قلت (غذوتك مولودا ومنتك يافعا * تعل بما أجني عليك وتنهل) (إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت * لسقمك إلا ساهرا أتململ) (كأني أنا المطروق دونك بالذي * طرقت به دوني فعيني تهمل) (تخاف الردى نفسي عليك وإنها * لتعلم أن الموت وقت مؤجل) (فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مدى ما كنت فيك أؤمل)
(١٨٦)