أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ١٧٨
قول أبي عبيدة بأنه منادى فإنه ينادى فيه بالمعرفة من مكان بعيد وهو كلام جمع فيه بين دعوى فارغة لا برهان عليها ثم لا يعصمه ذلك من أن يقال له هل هو اسم أو مصدر؟ وما زال أبو عبيدة يجري في المنقول طلقه حتى إذا جاء المعقول عقله العي وأغلقه وقد جمع في هذه الكلمة أبو عبد الله بن عرفة جزءا قرأناه بمدينة السلام ولم يحصل له فيه عن التقصير سلام والقدر الذي أشار إليه سيبويه فيه يكفي فليأخذ كل واحد منكم ويكتفي المسألة الثالثة قوله (* (أسرى بعبده) *)) قال علماؤنا لو كان للنبي اسم أشرف منه لسماه في تلك الحالة العلية به وفي معناه تنشد الصوفية (يا قوم قلبي عند زهراء * يعرفها السامع والرائي) (لا تدعني إلا بيا عبدها * فإنه أشرف أسمائي) وقال الأستاذ جمال الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن لما رفعه إلى حضرته السنية وأرقاه فوق الكواكب العلوية ألزمه اسم العبودية له تواضعا للإلهية المسألة الرابعة قضى الله بحكمته وحكمه أن يتكلم الناس هل أسري بجسد رسول الله أم بروحه؟ ولولا مشيئة ربنا السابقة بالاختلاف لكانت المسألة أبين عند الإنصاف؛ فإن المنكر لذلك لا يخلو أن يكون ملحدا ينكر القدرة ويرى أن الثقيل لا يصعد علوا وطبعه استفال فما باله يتكلم معنا في هذا الفرع وهو منكر للأصل؛ وهو وجود الإله وقدرته وأنه يصرف الأشياء بالعلم والإرادة لا بالطبيعة وإن كان المنكر من أغبياء الملة يقر معنا بالإلهية والعلم والإرادة والقدرة على التصريف والتدبير والتقدير فيقال له وما الذي يمنع من ارتقاء النبي في الهواء بقدرة خالق الأرض والسماء؟
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»