والدليل عليه أن النبي نصب لهم عليها علامة مرة فوجدوا تلك العلامة ليلة سبع وعشرين وسأله آخر متى ينزل فإنه شاسع الدار؟ فقال له انزل ليلة ثلاث وعشرين وما كان ليعلم علامة فلا يصدق وما كان أيضا ليسأله سائل ضعيف لا يمكنه ملازمته عن أفضل وقت ينزل إليه فيه وأكرم ليلة يأتيه فيها ليحصل له فضله فيحمله على الناقص عن غيره المحطوط عن سواه وهذا كله يدلك على أن من أراد تحصيل الساعة عمر اليوم كله بالعبادة أو تحصيل الليلة قام الشهر كله في جميع لياليه فإن قيل فإذا خرج إلى الوضوء أو اشتغل بالأكل فجاءت تلك الساعة في تلك الحالة وهو غير داع ولا سائل كيف يكون حاله؟
قلنا إذا كان وقته كله معمورا بالعبادة والدعاء فجاءت وقت الوضوء أو الأكل أعطي طلبته وأجيبت دعوته ولم يحاسب من أوقاته بما لا بد له منه على أني قد رأيت من علمائنا من قال إذا توضأ أو أكل فاشتغل بذلك بدنه ولسانه فليقبل على الطاعة بقلبه حتى يلقى تلك الساعة متعبدا بقلبه وهذا حسن وهو عندي غير لازم؛ بل يكفي أن يكون ملازما للعبادة ما عدا أوقات الوضوء والاكل فيعفى عنه فيها ويعطى عندها كل ما سأل في غيرها بلطف الله بعباده وسعة رحمته لهم وعموم فضله لا رب غيره على أن مسلما قد كشف الغطاء عن هذا الخلفاء فقال - عن النبي إنه سئل عن الساعة التي في يوم الجمعة فقال ' هي من جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة ' هذا نص جلي والحمد لله وفي سنن أبي داود عن النبي نص في أنها بعد العصرولا يصح