شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال ابني مثلها فبنى ارم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة وكان عمره تسعمائة سنة وهى مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبر جد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار ولما ثم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا وعن عبد الله بن قلانة أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثم وبلغ خبر معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال هي ارم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال هذا والله ذلك الرجل * (التي لم يخلق مثلها في البلاد) * أي مثل عاد في قوتهم وطول قامتهم كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع أو لم يخلق مثل مدينة شداد في جميع بلاد الدنيا * (وثمود الذين جابوا الصخر) * قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا قيل أول من تحت الجبال والصخور ثمود وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة * (بالواد) * بوادي القرى * (وفرعون ذي الأوتاد) * أي ذي الجنود الكثيرة وكانت لهم مضارب كثيرة يضربونها إذا نزلوا وقيل كان له أوتاد يعذب الناس بها كما فعل بآسية الذين في محل النصب على الذم أو الرفع على هم الذين أو الجر على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون طغوا في البلاد تجاوزوا الحد * (فأكثروا فيها الفساد) * بالكفر والقتل والظلم * (فصب عليهم ربك سوط عذاب) * مجاز عن ايقاع العذاب بهم على أبلغ الوجود إذا الصب يشعر بالدوام والسواط بزيادة الايلام اى عذبوا عذابا مؤلما دائما * (إن ربك لبالمرصاد) * وهو المكان الذي يترقب فيه الرصد مفعال من رصده وهذا مثل لارصاده العباد وانهم لا يفوتونه وانه عالم بما يصدر منهم وحافظه فيخازيهم عليه ان خيرا فخيروان شرا فشر * (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه) * أي ضيق عليه وجعله بمقدار بلغته فقدر شامي ويزيد * (فيقول ربي أهانن) * أي الواجب لمن ربه بالمرصاد أن يسعى للعاقبة ولا تهمه العاجلة وهو قد عكس فإنه إذا امتحنه ربه بالنعمة والسعة ليشكر قال ربى أكرمني أي فضلني بما أعطاني فيرى الاكرام في كثره الحظ من الدنيا وإذا امتحنه بالفقر فقدر عليه رزقه ليصبر قال ربى أهاننى فيرى الهوان في قلة الحظ من الدنيا لأنه لا تهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها فرد عليه زعمه بقوله * (كلا) * أي ليس الاكرام
(٣٣٧)