تفسير النسفي - النسفي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٩
* (يا أيتها النفس المطمئنة) * سورة البلد بسم الله الرحمن الرحيم أحد أحدا كوثاق الله لا يعذب ولا يوثق على وهى قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إليها أبو عمرو في آخر عمره والضمير يرجع إلى الانسان الموصوف وهو الكافر وقيل هو أبي بن خلف اى لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق بالسلاسل مثل وثاقه لتناهيه في كفره وعناده ثم يقول الله تعالى للمؤمن * (يا أيتها النفس) * اكراما له كما كلم موسى عليه السلام أو يكون على لسان ملك * (المطمئنة) * الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن وهى النفس المؤمنة أو المطئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك ويشهد للتفسير الأول قراءة أبى يا أيتها النفس الآمنة المطئنة وانما يقال لها عند الموت أو عند الموت أو عند البعث أو عند دخول الجنة * (ارجعي إلى) * موعد * (ربك) * أو ثواب ربك * (راضية) * من الله بما أوتيت * (مرضية) * عند الله بما علمت * (فادخلي في عبادي) * في جملة عبادي الصالحين فانتظمى في سلكهم * (وادخلي جنتي) * معهم وقال أبو عبيدة أي مع عبادي أوبين عبادي أي خواصى كما قال وادخلنى برحمتك في عبادك الصالحين وقيل النفس الروح ومعناه فادخلي في أجسام عبادي كقراءة عبد الله بن مسعود في جسد عبدي ولما مات بن عباس بالطائف جاء طائر لم ير على خلقته فدخل في نعشه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير الفبر ولم يدر من تلاها قيل نزلت في حمزة بن عبد المطلب وقيل في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة فقال اللهم ان كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول الله وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوله وقيل هي عامة في المؤمنين إذ العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب سورة البلد مكية وهى عشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم * (لا أقسم بهذا البلد) * أقسم سبحانه بالبلد الحرام وبما بعده على أن الانسان خلف مغمورا في مكابدة المشاق واعتراض بين القسم والمقسم عليه بقوله * (وأنت حل بهذا البلد) * أي ومن المكابدة ان مثلك على عظم حرمتك يستحل بهذا البلد يعنى مكة كما يستحل الصيد في غير الحرم عن شر حبيل يحرمون أن يقتلوا بها صيدا أو يستحلون أخراجك وقتلك فيه تثبيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة وتعجيب من حالهم في عداوته أوسلى رسول الله بالقسم ببلده على أن الانسان لا يخلو من مقاساة الشدائد واعتراض بأن وعده فتح مكة تتيما للتسلية والتنفيس عنه فقال وأنت حل بهذا البلد أي وأنت حل به في المستقبل تصنع فيه ما تريده من القتل والأسر وذلك أن الله تعالى فتح عليه مكة وأحلها له وما نحت على أحد قبله ولا أحلت له فاحل ما شاء وحرم ما شاء قتل ابن خطل
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»