تركب أو تحمل عليها ثم تقوم فكذا السرير يطأطئ المؤمن كما يطأطئ الإبل * (وإلى السماء كيف رفعت) * رفعا بعيد الذي بلا امساك وعمد ثم نجومها تكثر هذه الكثرة فلا تدخل في حساب الخلق فكذا الأكواب * (وإلى الجبال كيف نصبت) * نصبا ثابتا فهي راسخة لا تميل مع طولها فكذا النمارق * (وإلى الأرض كيف سطحت) * سطحا بتمهيد وتوطئة فهي كلها بساط واحد تنبسط من الأفق إلى الأفق فكذا الزرابى ويجوز أن يكون المعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق حتى لا ينكروا اقتداره على البعث فيسمعوا إنذار الرسول ويؤمنوا به ويستعدوا للقائه وتخصيص هذه الأربعة باعتبار أن هذا خطاب للعرب وحث لهم على الاستدلال والمرء إنما يستدل بما تكثر مشاهدته له والعرب تكون في البوادي ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجبال والإبل فهن أعز أموالهم وهم لها أكثر استعمالا منهم لسائر الحيوانات ولأنها تجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان وهى النسل والدر والحمل والركوب والأكل بخلاف غيرها ولأن خلقها أعجب من غيرها فإنه سخرها منقادة لكل من أقتادها لزمتها لا تعاز ضعيفا ولا تمانع صغير اأو براها طوال الأعناق لتنوء بالاوقار وجعلها بحيث تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر ثم تنهض بما حملت وتجرها إلى البلاد الشاخطة وصبرها على احتمال العطش حتى أن ظمأها ليرتفع إلى العشر فصاعدا وجعلها ترعى كل ثابت في البراري مما لا يرعاه سائر البهائم * (فذكر) * فذكرهم بالأدلة ليتفكروا فيها * (إنما أنت مذكر) * ليس عليك إلا التبليغ * (لست عليهم بمصيطر) * بمسلط كقوله وما أنت عليهم بجبار بمصيطر مدنى وبصرى وعلى وعاصم * (إلا من تولى) * منهم * (وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر) * الاستثناء منقطع أي لست بمستول عليهم ولكن من تولى وكفر بالله فإن لله الولاية عليه والقهر فهو يعذبه العذاب الأكبر وهو عذاب جهنم وقيل هو استثناء من قوله فذكر أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى فاستحق للعذاب الأكبر وما بينهما اعتراض * (إن إلينا إيابهم) * رجوعهم وفائدة تقديم الظرف التشديد في الوعيد وأن ايابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام * (ثم إن علينا حسابهم) * فنحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها جزاء أمثالهم وعلى لتأكيد الوعيد لا الوجوب إذ لا يجب على الله شئ
(٣٣٥)